قَائِلا يَقُول: النُّزُول ضد الْعُلُوّ، فَمن عرف الْعُلُوّ فقد عرف ضِدّه، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِن للنزول مَرَاتِب لَا يعرفهَا إِلَّا أهل الصَّنْعَة.

قَالَ ابْن الصّلاح: [165 - أ] هَذَا لَيْسَ نفيا لكَون النُّزُول ضد الْعُلُوّ على الْوَجْه الَّذِي ذكرته بل نفيا لكَونه يعرف بِمَعْرِِفَة الْعُلُوّ، قَالَ: وَذَلِكَ يَلِيق بِمَا ذكره هُوَ فِي معرفَة الْعُلُوّ، فَإِنَّهُ قصر فِي بَيَانه وتفصيله، وَلَيْسَ كَذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ، فَإِنَّهُ مفصل تَفْصِيلًا مُفْهِمَاً لمراتب النُّزُول.

قَالَ الْعِرَاقِيّ: ثمَّ إِن النُّزُول حَيْثُ ذمَة ذام، فَهُوَ مَحْمُول على مَا إِذا لم يكن مَعَ النُّزُول مَا يجْبرهُ، كزيادة الثِّقَة فِي رِجَاله على العالي، أَو كَونهم أحفظ، أَو أفقه، أَو كَونه مُتَّصِلا بِالسَّمَاعِ، وَفِي العالي حُضُور، أَو إجَازَة، أَو مناولة وَنَحْو ذَلِك، فَإِن الْعُدُول حِينَئِذٍ إِلَى النُّزُول لَيْسَ بمذموم وَلَا مفضول.

روينَا عَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: لَيْسَ جودة الحَدِيث [قرب الْإِسْنَاد، بل جودة الحَدِيث] صِحَة الرِّجَال. وروينا عَن السِّلَفي قَالَ: الأَصْل الْأَخْذ عَن الْعلمَاء، فنزولهم أولى من الْعُلُوّ بِالْأَخْذِ عَن الجهلة على مَذْهَب الْمُحَقِّقين من النقلَة، والنازل حِينَئِذٍ هُوَ العالي فِي الْمَعْنى عِنْد النّظر وَالتَّحْقِيق. كَمَا روينَا عَن نظام الْملك قَالَ: عِنْدِي أَن الحَدِيث العالي مَا صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، وَإِن بلغت رُوَاته مئة.

قَالَ ابْن الصّلاح: هَذَا لَيْسَ من قبيل الْعُلُوّ الْمُتَعَارف عِنْد إِطْلَاقه بَين أهل الحَدِيث، وَإِنَّمَا هُوَ علو من حَيْثُ الْمَعْنى فَحسب. انْتهى كَلَامه. قَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015