كل مِنْهَا: لَا أعرفهُ، وَفعل الثَّانِي كَذَلِك إِلَى أَن استوفى العشرةُ المئة؛ وَهُوَ لَا يزِيد فِي كل مِنْهَا على قَوْله: لَا أعرفهُ.
وَكَانَ الْفُقَهَاء مِمَّن حضر، يلْتَفت بَعضهم إِلَى بعض وَيَقُولُونَ: فَهِم الرجل، وَمن كَانَ مِنْهُم غير ذَلِك يقْضِي عَلَيْهِ بِالْعَجزِ، وَالتَّقْصِير، وقِلة الْفَهم لكَونه عِنْده - لمقْتَضى عدم تَمْيِيزه - حَيْثُ لم يعرف وَاحِدًا من مئة، وَلما فهم البُخَارِيّ رَحمَه الله من قرينَة الْحَال / انتهاءهم من مسألتهم، الْتفت إِلَى السَّائِل الأول وَقَالَ لَهُ: سَأَلت عَن حَدِيث كَذَا، وَصَوَابه كَذَا، إِلَى آخر أَحَادِيثه، وَهَكَذَا الْبَاقِي فردّ المئة إِلَى حكمهَا الْمُعْتَبر قبل [الْقلب] ، فأقرَّ لَهُ النَّاس بِالْحِفْظِ، وأذعَنُوا لَهُ بِالْفَضْلِ، وعُلُو الْمحل والمنزلة فِي هَذَا الشَّأْن.
وَأما العُقَيلي، فَذكر مَسلَمة بن الْقَاسِم فِي تَرْجَمته أَنه كَانَ لَا يُخْرجُ أَصله لمن يَجِيئهُ من أَصْحَاب الحَدِيث بل يَقُول لَهُ: اقْرَأ فِي كتابك، فأنكرنا [- أهل الحَدِيث - ذَلِك فِيمَا بَيْننَا عَلَيْهِ] وَقُلْنَا: إِمَّا أَن يكون من أحفظ / 82 - ب / النَّاس، أَو من أكذبهم، ثمَّ عَمَدنا إِلَى كتابةِ أَحَادِيث من رِوَايَته، بعد أَن بدّلنا مِنْهَا ألفاظاً، وزدنا فِيهَا ألفاظاً، وَتَركنَا مِنْهَا أَحَادِيث صَحِيحَة، وَآتَيْنَاهُ بهَا، والتمسنا مِنْهُ سماعهَا، فَقَالَ لي: اقْرَأ، فقرأتها عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْتَهَيْت إِلَى الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان، فَطِن وَأخذ مني الْكتاب، فَألْحق فِيهِ بِخَطِّهِ النَّقْص، وَضرب على الزِّيَادَة وصححها كَمَا كَانَت. ثمَّ قَرَأَهَا علينا [فانصرفنا] وَقد طابت أَنْفُسنَا،