الطعْن بِهِ أَشد فِي هَذَا الْفَنّ، وَإِن كَانَ الْفسق بِالْفِعْلِ أَشد من الْكل، فمردود بِمَا ذكرنَا.
(أَو تهمته) أَي الرَّاوِي، (بذلك) أَي الْكَذِب الْمَذْكُور، (بِأَن لَا يروي ذَلِك الحَدِيث) أَي المطعون. وَالْأَظْهَر أَن يَقُول: بِأَن لَا يروي الحَدِيث (إِلَّا من جِهَته) أَي الرَّاوِي المُتَّهَم، (وَيكون) أَي ذَلِك الحَدِيث، (مُخَالفا للقواعد،) أَي قَوَاعِد الدّين (الْمَعْلُومَة) أَي من الشَّرِيعَة بِالضَّرُورَةِ. والعطف للتفسير وَالْبَيَان، [98 - أ] وَسَيَجِيءُ مَا يشْعر بِأَن هَذَا من الأول، حَيْثُ عدّ كَونه مناقضاً لنَصّ الْقُرْآن من قَرَائِن كَونه مَوْضُوعا.
(وَكَذَا مَن عُرف بِالْكَذِبِ فِي كَلَامه، وَإِن لم يظْهر مِنْهُ وُقُوع ذَلِك فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ) قلت: هَذَا دَاخل فِي الْفسق القولي، وجَعْلُه دَاخِلا فِي التُهمة غير مستبعد، (وَهَذَا دون الأول) .
قَالَ تِلْمِيذه: قَوْله: وَهَذَا دون الأول مُسْتَغْنى عَنهُ. انْتهى وَكَأَنَّهُ فهم أَن هَذَا إِشَارَة إِلَى التُّهْمَة، وَالْمرَاد بِالْأولِ الْحَقِيقِيّ. وَالصَّوَاب جعله إِشَارَة إِلَى قَوْله: وَكَذَا مَن عرف ... الخ. وَجعل الأول إضافياً، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: أَو تهمته بذلك، ثمَّ وَجْهُ تَقْدِيم الثَّانِي على مَا بعده من الْفسق وَغَيره، أَنَّ كَون كلٍ من الْعشْرَة مُوجِبة للرَّدّ، وَإِنَّمَا هُوَ من جِهَة إِيجَابهَا بِحَسب ظن الْكَذِب فِي الرِّوَايَة، وَهَذَا هُوَ وَجه تَقْدِيم النَّوْعَيْنِ اللَّذين يليانه على الْفسق.