وَحَاصِله: أَنه أَرَادَ تقرب أَحدهَا إِلَى الآخر فِي الأشدية [97 - ب] فَإِن بعض أَقسَام أحد الْقسمَيْنِ يَتَرَتَّب فِي الأشدية على بعض أَقسَام الآخر دون أَقسَام الآخر قيل: الأوضح فِي الْعبارَة: مَكَانهَا بِحَسب الشدَّة والضعف، إِذْ لَا أشدية للأخير ويُدفع بِأَن هَذِه عبارَة / مَشْهُورَة بَين البلغاء، وَقد ورد فِي الحَدِيث الشريف أَيْضا: " أَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء، ثمَّ الأمثلُ، فالأمثل ". رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره. ويوجَّه بِأَنَّهُ لَو كَانَ هُنَاكَ سَبَب آخر لِلطَّعْنِ كَانَ الْأَخير أَشد مِنْهُ، وَإِنَّمَا انحصر الطعْن فِي الْعشْرَة.
(لِأَن الطعْن إِمَّا أَن يكون لكَذِب الرَّاوِي) بِفَتْح الْكَاف، وَكسر الذَّال، أفْصح من كسر أَوله، وَسُكُون ثَانِيه. وَيرد على الْمَتْن أَن الْكَذِب فَرد من أَنْوَاع الْفسق، وَلِهَذَا فيده فِي الشَّرْح بقوله: (فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ، بِأَن يروي عَنهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مَا لم يَقُلْهُ مُتَعَمدا لذَلِك) أَي بِخِلَاف مَا رَوَى سَاهِيا، فَالْمُرَاد بِالْكَذِبِ فِي الْمَتْن الْكَذِب على سَبِيل الْعمد. فَلَو قَالَ بدله: الافتراء وَهُوَ الْكَذِب عَن عمدٍ لَكَانَ أولى.
ثمَّ لما كَانَ هَذَا الْكَذِب الْخَاص / 70 - ب / أَشد أَنْوَاع الْفسق، وأقبح أَسبَاب الطعْن، حَتَّى قيل بِكفْر المفتري عَلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، أفرده وَجعله كَأَنَّهُ جنس آخر، وَقدمه على الْكل. وَأما قَول محشٍ: وَإِنَّمَا قدّم الأول لكَون