وَهَذَا بِخِلَاف مَا تقدم فِي حد الْعَزِيز، وَالْمَشْهُور حَيْثُ قَالُوا: إِن الْعَزِيز لَا بُد فِيهِ أَن لَا ينقص عَن اثْنَيْنِ من الأول إِلَى الآخر، فَإِذا إِطْلَاقه يتَنَاوَل ذَلِك، وَوَجهه أَن الْكَلَام هُنَاكَ فِي وصف السَّنَد. وَالْكَلَام هُنَا فِيمَا يتَعَلَّق بِالْقبُولِ وَالرَّدّ. انْتهى. وَفِيه مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذَا الْمقَام. تمّ كَلَام التلميذ. لكنه نَاقص إِذْ التَّحْقِيق أَن عبارَة الشَّيْخ فِي هَذَا الْمقَام تدل على أَن وحدة الصَّحَابِيّ لَا تصير سَببا للغرابة. وَعبارَته سَابِقًا تدل على أَن الْوحدَة فِي أَي مَوْضُوع كَانَ فَهُوَ غَرِيب. وَعبارَة ابْن الصّلاح تدل على أَن وحدة الصَّحَابِيّ لَا تدل على الغرابة، حَيْثُ قَالَ: الْغَرِيب كَحَدِيث الزُّهْرِيّ، وَغَيره من الْأَئِمَّة مِمَّن يجمع على حَدِيثهمْ إِذا انْفَرد الرجل عَنْهُم بِالْحَدِيثِ يُسمى غريباٌ، فَإِذا روى عَنْهُم رجلَانِ أَو ثَلَاثَة يُسمى عزيزاٌ، وَإِذا روى جمَاعَة يُسمى مشهوراٌ، فَانْظُر فِيهِ حَيْثُ يدل / على أَن اثنينية الإِمَام فضلا عَن اثنينيه الصَّحَابِيّ لَيست مُعْتَبرَة فِي الْعَزِيز. ووحدة الصَّحَابِيّ تجامع الْمَشْهُور.
وَحَاصِل الْكَلَام: أَنه إِن كَانَ الْمُعْتَبر فِي تَقْسِيم الْغَرِيب تفرد التَّابِعِيّ وَمن دونه مَعَ قطع النّظر عَن حَال الصَّحَابِيّ، فَالَّذِي تفرد بِهِ الصَّحَابِيّ عَن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] [38 - أ] وَلم يَقع التفرد فِي شَيْء من الْمَرَاتِب بعده إِن كَانَ غَرِيبا يلْزم أَن لَا ينْحَصر الْغَرِيب فِي الْقسمَيْنِ الآتيين، وَإِن لم يكن غَرِيبا، فقد يصدق عَلَيْهِ تَعْرِيفه، فَلَا يكون مَانِعا، وَحِينَئِذٍ يجب أَن يكون دَاخِلا فِي مَا سوى الْغَرِيب من الْآحَاد، وَلَا يصدق تَعْرِيف شَيْء مِمَّا سواهُ عَلَيْهِ فَلَا يكون جَامعا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخص الْكَلَام بِمَا سوى الصَّحَابِيّ فِي التَّقْسِيم، والتعريفات الْخَارِجَة مِنْهُ. فَقَوله: طرفه أَرَادَ بِهِ التَّابِعِيّ، وَأما الصَّحَابِيّ وَإِن كَانَ من رجال الْإِسْنَاد، إِلَّا أَن الْمُحدثين لم يعدوه مِنْهُم لِأَن كلهم عدُول على الْإِطْلَاق من خالط الْفِتَن وَغَيرهم