تعريفَ كلٍ مِنْهَا وَمَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا من أَحْكَامهَا، اعْلَم أنّ الغرابة:
(إِمَّا أنْ تكون فِي أصل السَّنَد) قَالَ تِلْمِيذه: قَالَ المُصَنّف فِي تَقْرِيره: أصل السَّنَد، وأوله ومنشؤه، وَآخره وَنَحْو ذَلِك يُطلق وَيُرَاد بِهِ من جِهَة الصَّحَابِيّ، وَيُرَاد بِهِ الطّرف الآخر بِحَسب الْمقَام. انْتهى. وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بالطرف الآخر من جِهَة الشَّيْخ كالبخاري، وَمُسلم. وَكَأن الشَّيْخ اخْتَار الطّرف الأول، وَلذَا قَالَ:
(أَي فِي الْموضع الَّذِي يَدُور الْإِسْنَاد) أَي الْإِسْنَاد الَّذِي فِيهِ الغرابة.
(عَلَيْهِ) أَي على ذَلِك الْموضع من حَيْثُ كلُه، فَإِن الْفَرد النّسْبِي يَدُور فِيهِ الْإِسْنَاد على مَن تفرد بِهِ لَكِن بعضه لَا كُله. (وَيرجع) أَي الْإِسْنَاد. (وَلَو تعدّدت الطّرق) أَي الْأَسَانِيد. (إِلَيْهِ) أَي ذَلِك الْموضع. (وَهُوَ) أَي ذَلِك الْموضع (طَرَفُهُ) أَي [37 - ب] طرف الْإِسْنَاد (الَّذِي فِيهِ الصَّحَابِيّ) وَكَون الغرابة فِي هَذَا الطّرف هُوَ أَن يروي تَابِعِيّ وَاحِد عَن صَحَابِيّ، وَلَا يُتَابِعه غَيره فِي رِوَايَته عَن ذَلِك الصَّحَابِيّ، سَوَاء تعدد الصَّحَابِيّ فِي تِلْكَ الرِّوَايَة أَو لَا.
وَأما انْفِرَاد الصَّحَابِيّ عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ، فَلَيْسَ غرابة إِذْ لَيْسَ فِي الصَّحَابَة مَا يُوجب قدحاً / 28 - ب /، فانفراد الصَّحَابِيّ يُوجب تعادل تعدد غَيره، بل يكون أرجح. قَالَ تِلْمِيذه: قَوْله: وَهُوَ طرفه الَّذِي فِيهِ الصَّحَابِيّ. قَالَ المُصَنّف: أَي الَّذِي يروي عَن الصَّحَابِيّ، وَهُوَ التَّابِعِيّ، وَإِنَّمَا لم يتَكَلَّم فِي الصَّحَابِيّ، لِأَن الْمَقْصُود مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ من الْقبُول وَالرَّدّ. وَالصَّحَابَة كلهم عدُول.