بالمناسبة الثوم الوارد في الخبر الموضوع السابق لما سئل عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم أحرام هو؟ قال: ((لا أحرم ما أحل الله))، وهنا يقول: ((من أكل الثوم ليلة الجمعة فليهوِ في النار سبعين خريفاً)) هذه أمارة على وضعه، لكن ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً تكون من سخط الله يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) هذا في البخاري، هل يستطيع أحد أن يطبق عليه مثل هذه القاعدة؟ لا، فهذه القواعد لأحاديث لا تروى بأسانيد ولا توجد في دواوين الإسلام.
أو يتضمن الإفراط بالوعد العظيم على الفعل القليل، ومثاله: ((من صلى الضحى كذا وكذا أعطي ثواب سبعين نبياً)) مثل هذا الكلام يمكن أن يصدر من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ وأن العبد لو عُمِّر عمر الدنيا ومكث ساجداً وقلنا: إن هذا مشروع بالنسبة له هل يساوي ثواب نبي واحد؟ لا يمكن، والله المستعان.
ليس من هذا ما يروى بالأسانيد الصحيحة في كتب السنة في الصحيحين وغيرهما: ((من قال في يوم مائة مرة: سبحان الله وبحمده حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) سبحان الله وبحمد في دقيقة ونصف تقال مائة مرة، هذا ثواب عظيم على أمر يسير، لكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، كم من محروم يسمع مثل هذا الكلام ولا يقوله، وليس من ذلك: ((من صلى الصبح ثم جلس في مجلسه يذكر الله حتى إذا طلعت الشمس صلى ركعتين كان له أجر حجة تامة)) ليس من هذا، والحديث قابل للتحسين.
من السهل اليسير على الناس أن يذهب إلى مكة ويأخذ عمرة أو يأخذ حجة سهل ميسر على نفسه، لكن من يجلس بعد صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس؟ هذا من أشق الأمور على النفس، لا سيما من لم يتعود ذلك ويمرن نفسه على ذلك، من السهولة بمكان أن تركب السيارة وتنتقل من بلد إلى بلد، لكن من الصعوبة أن تقوم من فراشك إذا بقي على صلاة الصبح ساعة وتصلي ما كتب لك، أعمال يسيرة لكنها بالنسبة لمن يسرها الله عليه، وإلا فالجنة حفت بالمكاره كما هو معلوم.
المقصود أن مثل هذه القواعد لا تطبق على الأحاديث التي تروى بأسانيد ثابتة في الكتب المعتبرة مهما تضمنت من الوعد أو من الوعيد.