من الأمارات الدالة على وضع الحديث: عدم وجود الحديث في بطون الأسفار بعد تدوين السنن، فإذا فتشت هذه الأسفار وهذه الكتب المعتمدة عند أهل العلم، ولم يظفر به فيها، فإنه يعلم كذبه، لعلمنا أن الأخبار قد دونت، ما نقله ابن الصلاح عن البيهقي، يعني إذا سمعنا حديث وبحثنا عنه في الكتب ما وجدناه، من أين جاء به صاحبه؟ لا بد أن يكون موضوعاً؛ لأن السنة دونت.
ولا يقول قائل: إن الأئمة يحفظون مئات الألوف من الأحاديث ولا وصلنا إلا عشر ذلك، نقول: لا، الأمة معصومة من أن تفرط بشيء من دينها، بل الدين كله محفوظ، ما فرط بشيء منه، لكن الأئمة يحفظون الأحاديث بأسانيدها، فرب حديث يروى من مائة طريق يعدونه مائة حديث، ولا يتصور أن الأمة بكاملها فرطت بشيء من دينها، فإذا نقل الحديث من تقوم به الحجة اكتفوا به عن غيره، وغير ذلك من العلامات التي نصبها الأئمة دلائل على وضع الحديث وليس معنى ذلك أن هذه العلامات يسيرة معلومة لكل إنسان، وإنما ذلك لجهابذة الحديث فقط، فهم الذين لديهم الأدوات الصحيحة التي يميزون بها صحيح حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من غيره تمييزاً دقيقاً، ليس لكل أحد أن يقول: أنا أعرف من خلال هذه العلامات أن أطبق على الأحاديث التي تمر علي، يأتي إلى حديث في السنن؟ نقول: لا، هذا حديث تضمن وعد عظيم على عمل يسير، أو وعيد، أو مخالف للحس والمشاهدة، أي حس؟ مخالف للمعقول أي عقل؟ هذا للأئمة.