ونكرر ونعيد أنه إذا لم يوجد الحديث في دواوين السنة المعتبرة بالأسانيد الصحيحة فإنا نجري عليه هذه القواعد، وإلا فأي أمر جسيم أعظم من النية المشترطة لجميع العبادات، ولم ينقلها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا عمر بن الخطاب، وقد خطب به عمر بن الخطاب على المنبر فلم ينقله عنه إلا علقمة بن وقاص الليثي، ولم ينقله عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم ينقله عنه إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، هذا شرط لكل عبادة، هذه أمر جسيم، وتتوافر الدواعي على نقله وما نقله إلا هؤلاء، والحديث صحيح مجمع على صحته، لماذا؟ لأنه ثابت الأسانيد في الصحيح في دواوين الإسلام المعتبرة، لكن لو وقفنا على حديث لا يوجد في دواوين الإسلام إما في كتاب تاريخ أو في كتاب أدب أو ما أشبه ذلك، أو يتناقله الناس نعرضه على هذه القواعد، ونحكم عليه بذلك، يعني كون الخطيب يقتل على المنبر ولا ينقل الخبر من الحاضرين إلا واحد لا شك أن هذه أمارة على أنه كذب، لكن هذا الكلام لا يطرد في الأحاديث التي تروى بالأسانيد الصحيحة.
أن يكون المروي قد تضمن الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الهين اليسير، ومثاله: ((من أكل الثوم ليلة الجمعة فليهوِ في النار سبعين خريفاً)) يعني إذا رتب الوعيد الشديد على أمر هين يسير إذا كان هذا الوعيد جاء بسند صحيح وفي ديوان معتبر من دواوين السنة ما المانع؟ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} [(23) سورة الأنبياء] ((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً)) كلمة، لكنها من سخط الله، أمر هين يسير، لكنه لا يلقي لها بالاً ((فيهوي فيها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) هذا في صحيح البخاري، هل نقول: إن هذا شيء عظيم على عمل يسير؟ ما نقول مثل هذا أبداً، قد يخلد الشخص في النار بسبب كلمة يكفر بها، وهي كلمة أمر يسير.