وَلَا يَعْنِي بِهِ مُقَابِلَ التَّحْرِيمِ وَإِنْ قَبَضَ الْأَبُ لِلصَّغِيرِ وَقَبَضَ الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ بَطَلَ الْحَبْسُ وَرَجَعَ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ يُورَثُ عَنْهُ إنْ مَاتَ إلَّا إذَا تَلَافَى ذَلِكَ قَبْلَ فَلَسِ الْمُحَبِّسِ وَمَرَضِ مَوْتِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ كَافٍ فِي الْحَوْزِ كَأَنْ يُقَدِّمَ الْأَبُ الْكَبِيرَ عَلَى الْحَوْزِ لِلصَّغِيرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَوْ يُقَدِّمُ أَجْنَبِيًّا عَلَى الْحَوْزِ لَهُ كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَالْأَبُ لَا يَقْبِضُ لِلصَّغِيرِ مَعْ

الْبَيْتَيْنِ وَإِنْ قَدَّمَ الْأَبُ أَجْنَبِيًّا يَحُوزُ لِلصَّغِيرِ جَازَ أَيْضًا وَصَحَّ الْحَبْسُ، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ يُقَدِّمْ غَيْرَهُ جَازَ أَيْ غَيْرَ الِابْنِ الْكَبِيرِ فَيَشْمَلُ الْأَجْنَبِيَّ وَابْنًا ثَالِثًا لِلْمُحَبِّسِ إذَا لَمْ يُشْرِكْهُ مَعَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمَا فِي الْحَبْسِ الْمَذْكُورِ (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَيَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُحَبِّسَ عَلَى بَنِيهِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ حَبْسًا وَاحِدًا وَيَقْبِضَ الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَتِهِ الصِّغَارِ بِتَقْدِيمِ الْأَبِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْمُتَيْطِيّ قَالَ الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْمُوَثَّقِينَ عَقَدَ أَنَّ الِابْنَ الْكَبِيرَ قَبَضَ لِنَفْسِهِ وَقَبَضَ الْأَبُ نَصِيبَ الصِّغَارِ وَأَجَازَ مِثْلَ هَذَا وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ وَقَالَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَ الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَتِهِ الصِّغَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْن الْعَطَّار فَإِنْ وَقَعَ هَذَا وَقَبَضَ الْكَبِيرُ لِنَفْسِهِ وَالْأَبُ لِلصِّغَارِ بَطَلَ الْحَبْسُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ (قَالَ الْمُتَيْطِيّ) وَيَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَبُ رَجُلًا يَقْبِضُ مَعَ الْكَبِيرِ نَصِيبَ الصِّغَارِ اهـ.

وَعَلَى قَوْلِ الْبَاجِيِّ وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ إلَخْ وَقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ فَإِنْ وَقَعَ هَذَا إلَخْ ذَهَبَ النَّاظِمُ وَزَادَ أَنَّهُ إذَا تَلَافَى ذَلِكَ بِحَوْزٍ صَحِيحٍ صَحَّ الْحَبْسُ وَلَمْ يَبْطُلْ وَزِيَادَتُهُ ظَاهِرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا الْحُكْمُ جَارٍ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَيْضًا وَإِنَّ مَنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَقَدَّمَ ابْنًا كَبِيرًا لِلْحَوْزِ لِلصِّغَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَهَذَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ صَرِيحًا فِي فَصْلِ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ حَيْثُ قَالَ

وَلِلْأَبِ التَّقْدِيمُ لِلْكَبِيرِ ... لِقَبْضِ مَا يَخْتَصُّ بِالصَّغِيرِ

فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْكَبِيرُ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ بَطَلَ الْحَبْسُ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) مِمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ الْأَبْيَاتُ تَحْبِيسُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ كَدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَنْصَافًا مَثَلًا حَبَّسَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَصِحُّ الْحَبْسُ أَوْ لَا. فِيهِ خِلَافٌ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ وَمَا نَقَلُوا مِنْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ وَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِشَرِكَةِ الْحَبْسِ لِأَنَّ شَرِكَتَهُ ضَرَرٌ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْضَ الشَّرِيكُ أَوَّلَ بَابِ الْحَبْسِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَلَكِنَّ نَقْلَهُ هُنَا أَنْسَبُ وَتَقَدَّمَ هُنَالِكَ عَنْ الْعَبْدُوسِيِّ أَنَّ التَّحْبِيسَ مَاضٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا لَا يَحْمِلُ الْقِسْمُ يُبَاعُ وَيُنْدَبُ أَنْ يُعَوَّضَ بِثَمَنِهِ حَبْسٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُفْسَخُ التَّحْبِيسُ وَيُجْبَرُ عَلَى تَعْوِيضِهِ بِغَيْرِهِ وَفِي ابْنِ سَلْمُونٍ وَيَجُوزُ تَحْبِيسُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ قُسِمَ فَمَا أَصَابَ الْحَبْسَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى التَّحْبِيسِ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَنْقَسِمُ بِيعَ فَمَا أَصَابَ الْحَبْسَ مِنْ الثَّمَنِ اشْتَرَى بِهِ مَا يَكُونُ حَبْسًا فِيمَا سَبِيلُهُ فِيهِ اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا حَبَّسَ رَجُلٌ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ فَإِنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ قُسِمَتْ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ جَمِيعَ الرَّبْعِ يُبَاعُ وَيُبْتَاعُ بِثَمَنِ نَصِيبِ الْحَبْسِ حَبْسٌ وَنَزَلَتْ فِي أَيَّامِ مُحَمَّد بْنِ عَلِيٍّ الْقَاضِي فِي فُرْنٍ حُبِّسَ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا عَلَى وَلَدٍ فَأَفْتَى الْفُقَهَاءُ بِأَعْمَالِهِ وَقَضَى بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَكَانَ رَأْيُ ابْنِ الطَّلَّاعِ مَا فِي الْوَاضِحَةِ فَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ وَنَفَذَ الْحَبْسُ وَمِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ ابْنِ زَرْبٍ قَالَ اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْمِ فِيمَنْ لَهُ حِصَّةٌ فِي دَارٍ لَا تَنْقَسِمُ فَحَبَّسَهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُنَفَّذُ تَحْبِيسُهُ فِيهَا وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ وَبِإِجَازَتِهِ أَقُولُ اهـ.

فَانْظُرْ كَيْفَ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِعَدَمِ رِضَا الشَّرِيكِ بِشَرِكَةِ الْحَبْسِ.

(تَنْبِيهٌ) هَذَا حُكْمُ مَا إذَا حَبَّسَ الْبَعْضَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ لِغَيْرِهِ أَمَّا إنْ كَانَ الْبَاقِي لَهُ وَسَكَنَ مَعَهُ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ مَثَلًا أَوْ حَازَ بِغَيْرِ السُّكْنَى فَذَلِكَ نَافِذٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشُّيُوعَ لَا يُنَافِي الْإِقْبَاضَ وَفِيهِ قَوْلَانِ (قَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِي) قَاعِدَةُ الشِّيَاعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَمُحَمَّدٍ لَا يُنَافِي الْإِقْبَاضَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015