الرَّهْنِ الْإِفْرَازُ بَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ وَقَالَ النُّعْمَانُ يُنَافِيه فَيُشْتَرَطُ الْإِفْرَازُ فَلَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ اهـ.
وَهَذَا وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الرَّهْنِ فَقَطْ فَهُوَ جَارٍ فِي الْحَبْسِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي شَرْطِيَّةِ الْقَبْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَلَى عَدَمِ الْمُنَافَاةِ مَا نُقِلَ فِي الْمِعْيَارِ فِي نَوَازِلِ الْهِبَاتِ وَنَصُّهُ وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ نِصْفَ دَارِهِ وَهُوَ سَاكِنٌ فِيهَا فَدَخَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَسَاكَنَهُ فِيهَا وَصَارَ حَائِزًا بِالسُّكْنَى وَالِارْتِفَاقِ بِمَنَافِعِ الدَّارِ وَالْوَاهِبُ مَعَهُ عَلَى حَسْبِ مَا يَفْعَلُهُ الشَّرِيكَانِ فِي السُّكْنَى (فَأَجَابَ) ذَلِكَ حَوْزٌ تَامٌّ وَالْهِبَةُ نَافِذَةٌ لَهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَهَبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ وَتَوَلَّى احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ وَشَارَكَهُ فِي الِاغْتِلَالِ وَالِارْتِفَاقِ فَهُوَ حَوْزٌ وَقَبْضٌ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا وَهَبَ نِصْفَ ذَلِكَ لِصَغِيرٍ لَا يَحُوزُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبِكْرٍ فَسَكَنَا مَعَ الْوَاهِبِ عَلَى حَسَبِ سُكْنَى الْحَائِزِ الْفِعْلِيِّ فَقَالَ هُوَ حَوْزٌ تَامٌّ أَيْضًا نَافِذٌ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ لِصَغِيرٍ دَنَانِيرَ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَهِيَ بِيَدِهِ أَلَيْسَ حِيَازَةٌ تَامَّةٌ وَقَبْضُهَا جَائِزٌ اهـ (قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ) وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مِنْ الْبَوَاقِي عَلَى الْمَنْهَجِ الْمُنْتَخَبِ لِسَيِّدِي عَلِيٍّ الزَّقَّاقِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ قُلْت فِي تَذْيِيلِهِ
هَلْ الشُّيُوعُ قَدْ يُنَافِي الْقَبْضَ لَا ... نَعَمْ يُنَافِيه خِلَافٌ نُقِلَا
عَلَيْهِمَا تَحْبِيسُ ... إنْ سَكَنْ مَعَهُ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ لَا وَهَنْ
وَهِبَةٌ صَدَقَةٌ رَهْنٌ فَلَا ... فَرْقَ لِأَجَلِ الْحَوْزِ خُذْهُ مُسْجَلَا
وَالْقَبْضُ فِي غَيْرِ الرِّهَانِ كَافِ ... وَفِيهِ الْإِقْبَاضُ عَلَى خِلَافِ
وَقَوْلُ النَّاظِمِ وَفِي
جُزْءٍ مُشَاعٍ حُكْمُ تَحْبِيسٍ قُفِيّ
حُكْمُ تَحْبِيسٍ مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ وَجُمْلَةُ قُفِيّ أَيْ تُبِعَ خَبَرُهُ وَفِي جُزْءٍ يَتَعَلَّقُ بِقُفِيِّ أَيْ حُكْمُ تَحْبِيسِ غَيْرِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ اُتُّبِعَ وَارْتُكِبَ فِي تَحْبِيسِ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ
وَنَافِذٌ مَا حَازَهُ الصَّغِيرُ ... لِنَفْسِهِ وَبَالِغٌ مَحْجُورُ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَسَ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى صَغِيرٍ غَيْرِ بَالِغٍ مَحْجُورٍ وَقَبَضَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ أَوْ الْمَحْجُورُ الْبَالِغُ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ فَإِنَّ قَبْضَهُ كَافٍ وَالْحَوْزُ تَامٌّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَوْزِ خُرُوجُ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ وَقَدْ حَصَلَ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إلَّا حُصُولُهَا وَلَيْسَتْ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْبُلُوغُ أَوْ عَدَمُ الْحَجْرِ فَفِي طُرَر ابْنِ عَاتٍ قَالَ ابْنُ زَرْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى صَغِيرٍ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ الصَّدَقَةَ إلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ وَحَازَهَا فِي صِحَّةِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا فَإِنَّهَا حِيَازَةٌ تَامَّةٌ. وَإِنْ كَانَ الْحَائِزُ صَغِيرًا وَتُنَفَّذُ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَنْ يَحُوزَ الصَّغِيرُ فَإِنْ وَقَعَ نَفَذَ
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَفِي مَسَائِلِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْكَلْبِ الْقَرَوِيِّ أَنَّهُ إذَا حَازَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا أَب لَهُ وَلَا وَصِيَّ مَا وُهِبَ لَهُ وَكَانَ يَعْقِلُ أَمْرَهُ صَحَّ حَوْزُهُ وَجَازَ ذَلِكَ لَهُ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهِنْدِيُّ وَإِنْ قَبَضَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ مَا حُبِّسَ عَلَيْهِ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وُهِبَ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُحَبِّسُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ الْوَاهِبُ نَفَذَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَصِحُّ هَذِهِ الْوُجُوهُ بِخُرُوجِهَا عَنْ يَدِ الْمُعْطِي لَهَا وَقَدْ خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ يَدِهِ يَقْبِض الْمُوَلَّى عَلَيْهِ اهـ.
وَقَدْ بَحَثَ الشَّارِحُ فِي صِحَّةِ حَوْزِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَيَّامِ الْقَاضِي مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ وَشَاوَرَ فِيهَا فَاجْتَمَعَ لَهُ الْجَمِيعُ مِنْ فُقَهَاءِ بَلَدِهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ وَحِيَازَةٌ حَاشَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ التُّجِيبِيَّ فَإِنَّهُ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ قَبْضَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا عَنْ الْمُعْطِي فَنَفَذَ الْقَضَاءُ يَوْمئِذٍ بِمَا قَالَهُ الْجَمِيعُ وَبِإِمْضَاءِ قَبْضَتِهِ وَحِيَازَتِهِ قَالَ الْمُتَيْطِيّ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَمَامِ قَوْلِهِ
لِحَائِزِ الْقَبْضِ وَفِي الْمَشْهُورِ ... إلَى الْوَصِيِّ الْقَبْضُ لِلْمَحْجُورِ