كَيْفِيَّةِ الْحَوْزِ كَيْفَ هِيَ (قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَلَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ فِي حَيَاةِ الْمُحَبِّسِ وَقَبْلَ فَلَسِهِ وَمَرَضِ مَوْتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ وَذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَلَا يُجْزِي فِيهِ الْإِقْرَارُ (قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ) وَجَرَتْ الْفُتْيَا بِأَنَّ التَّطَوُّفَ مَعَ الشُّهُودِ وَتَخَلِّيَ الْمُحَبِّسِ عَنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ بِمَحْضَرِهِمْ حِيَازَةٌ لَهُ تَامَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ الشُّهُودُ عَمَلَهُ فِي الْحَبْسِ قَالَ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُثْ ذَلِكَ أَوْ يَعْمُرْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُحَبِّسُ فَلَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ، وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ، وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْرُثَ ذَلِكَ أَوْ يَعْمُرَهُ بَعْدَ الْمُعَايَنَةِ وَإِلَّا فَلَا تَتِمُّ الْحِيَازَةُ قَالَ وَالْفُتْيَا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَإِنْ عَقَدَ الْمُحَبِّسُ كِرَاءً أَوْ مُزَارَعَةً أَوْ مُسَاقَاةً فَذَلِكَ يُغْنِي عَنْ الْوُقُوفِ إلَيْهَا وَمُعَايَنَةِ نُزُولِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ فِيهَا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ قَالَ ابْن أَبِي زَمَنِينَ وَقَدْ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُغْنِي عَنْ الْحِيَازَةِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الشُّهُودُ نُزُولَ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُزَارِعِ أَوْ الْمُسَاقِي فِيهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ بِقَفْرٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ فِيهِ حِيَازَةٌ مَعْلُومَةٌ فَالْإِشْهَادُ كَافٍ فِي حِيَازَتِهِ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ التَّخَلِّيَ فِيهِ وَالْقَبْضَ اهـ وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْحَوْزَ الْمُطْلَقَ الَّذِي يَعُمُّ حَوْزَ الْحَبْسِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ رَفْعُ خَاصِّيَّةِ تَصَرُّفِ الْمِلْكِ فِيهِ عَنْهُ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِلْمُعْطِي أَوْ نَائِبِهِ فَقَوْلُهُ خَاصِّيَّةُ تَصَرُّفِ الْمِلْكِ هِيَ التَّمَكُّنُ مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَوَضْعِ الْيَدِ بِكِرَاءٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفٍ وَعَنْهُ يَتَعَلَّقُ بِرَفْعٍ وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا لِلْمِلْكِ، قَوْلُهُ بِصَرْفِ التَّمَكُّنِ يَتَعَلَّقُ بِرَفْعٍ وَقَوْلُهُ مِنْهُ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمَكُّنِ وَضَمِيرُهُ لِلْمِلْكِ وَقَالَ الرَّصَّاعُ لِلْمُعْطِي أَيْ بِالْكَسْرِ وَعَلَيْهِ فَمِنْ بِمَعْنَى عَنْ وَلِلْمُعْطَى يَتَعَلَّقُ بِالصَّرْفِ وَضَمِيرُ نَائِبِهِ لِلْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ لِلْمُعْطِي حَوْزَ الرَّهْنِ فَإِنَّ الصَّرْفَ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ، وَمَعْنَاهُ رَفْعُ يَدِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِلْكِ. وَرَدُّ ذَلِكَ إلَى يَدِ الْمُعْطِي أَوْ نَائِبِهِ إمَّا وَكِيلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مُقَدَّمُ الْقَاضِي
وَيَكْتَفِي بِصِحَّةِ الْإِشْهَادِ ... إنْ أَعْوَزَ الْحَوْزُ لِعُذْرٍ بَادِ
تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّحْبِيسِ فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ مِنْ خَوْفِ عَدُوٍّ وَمَا أَشْبَهَهُ سَقَطَ هَذَا الشَّرْطُ وَاكْتَفَى عَنْهُ بِالْإِشْهَادِ بِالْحَبْسِ وَيَصِحُّ الْحَبْسُ وَيَنْفُذُ وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنٍ لَهُ كَبِيرٍ بِأَمْلَاكٍ وَأَشْهَدَ الْأَبُ بِتَبْتِيلِ الصَّدَقَةِ وَالِابْن بِقَبُولِهَا وَوَقَعَ الْقَبْضُ فِي بَعْضِهَا بِالْمُعَايَنَةِ وَبَقِيَ سَائِرُهَا لَمْ يَتَطَوَّفْ عَلَيْهِ وَلَا خَرَجَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي قُطْرٍ مَخُوفٍ مِنْ الْعَدُوِّ وَلَا يَدْخُلُهُ أَحَدٌ إلَّا عَلَى غَرَرٍ وَلَمْ يَعْتَمِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ إلَى أَنْ مَاتَ الْأَبُ فَقَالَ إذَا حَالَ الْخَوْفُ بَيْنَ الْوُصُولِ إلَى مَوْضِعِ الْأَمْلَاكِ الْمُتَصَدَّقِ بِهَا لِحِيَازَتِهَا بِالتَّطَوُّفِ عَلَيْهَا اُكْتُفِيَ بِالْإِشْهَادِ وَلَمْ تَبْطُلْ الصَّدَقَةُ إنْ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا قَبْلَ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَيْهَا هَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
وَيَنْفُذُ التَّحْبِيسُ فِي جَمِيعِ مَا ... مُحَبِّسٌ لِقَبْضِهِ قَدْ قَدَّمَا
يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَّسَ شَيْئًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَسَبِيلِ اللَّهِ فَقَدَّمَ الْمُحَبِّسُ شَخْصًا عَلَى قَبْضِ ذَلِكَ وَأَسْلَمَهُ إلَيْهِ وَتَخَلَّى عَنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ كَافٍ وَالْحَبْسُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ مَا حِيزَ عَنْ الْمُحَبِّسِ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت لَهُ فَلَوْ حَبَّسَ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَلِيَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ فِي يَدِهِ قَالَ هَذَا مَرْدُودٌ إلَى الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ حَبْسٍ لَهُ غَلَّةٌ فَإِنَّهُ إنْ وَلِيَهُ فَكَانَ يُفَرِّقُهُ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ مِيرَاثٌ وَلَا تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِي مِثْلِ هَذَا حَتَّى يَسْتَخْلِفَ الْمُحَبِّسُ رَجُلًا غَيْرَهُ عَلَى حِيَازَتِهِ وَيَبْرَأُ إلَيْهِ بِهِ
وَالْأَخُ لِلصَّغِيرِ قَبْضُهُ وَجَبْ ... مَعَ اشْتِرَاكٍ وَبِتَقْدِيمٍ مِنْ أَبْ
وَالْأَبُ لَا يَقْبِضُ لِلصَّغِيرِ مَعْ ... كَبِيرِهِ وَالْحَبْسُ إرْثٌ إنْ وَقَعْ
إلَّا إذَا مَا أَمْكَنَ التَّلَافِي ... وَصُحِّحَ الْحَوْزُ بِوَجْهٍ كَافِ
وَإِنْ يُقَدِّمْ غَيْرَهُ جَازَ وَفِي ... جُزْءٍ مُشَاعٍ حُكْمُ تَحْبِيسٍ قُفِيّ
اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) إذَا حَبَّسَ الْأَبُ عَلَى وَلَدَيْهِ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ حَبْسًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عَلَى الْإِشَاعَةِ وَنَوَّعَ النَّاظِمُ الْحَوْزَ لِلصَّغِيرِ إلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ قَدَّمَ الْأَبُ الِابْنَ الْكَبِيرَ عَلَى الْحَوْزِ لِأَخِيهِ الصَّغِيرِ فَالْحَبْسُ صَحِيحٌ لَهُمَا مَعًا وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَمَعْنَى وَجَبْ جَازَ وَصَحَّ