حَتَّى مَاتَ فَقَالَ هَذِهِ وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ إذَا حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَكَذَا مَا فَعَلَهُ الْمَرِيضُ مِنْ بَتِّ صَدَقَةٍ أَوْ بَتِّ عِتْقٍ لَيْسَ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبْضٍ وَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ حَتَّى يَمُوتَ فَيَكُونَ فِي الثُّلُثِ أَوْ يَصِحُّ فَيُنَفَّذُ الْبَتْلُ كُلُّهُ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كَانَ بَتْلُهُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخِلَافِ مَا أَعْلَمْتُك فِي الصَّحِيحِ لَا يَجُوزُ مِنْ فِعْلِ الصَّحِيحِ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْت لَك إلَّا مَا قُبِضَ وَحِيزَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُفْلِسَ اهـ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي) فِي أَنَّ الْحَائِزَ لِلْحَبْسِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ هُوَ الْمُعْطِي لَهُ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَغَيْرِهِمَا إنْ كَانَ رَشِيدًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِجَائِزِ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ وَلَوْ بَالِغًا فِي الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَائِزَ لَهُ هُوَ حَاجِزُهُ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ وَصِيِّهِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ.

(قَالَ الْمُتَيْطِيّ) وَإِذَا حَبَّسَ الرَّجُلُ عَلَى مُوَلًّى عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقْبِضَ لَهُ وَصِيُّهُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ هُوَ مَالِكٌ أَمْرَهُ لِيَخْرُجَ بِذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِي قَبْضِ الْمُوَلَّى مَا حُبِسَ عَلَيْهِ (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) إنْ فَوَّضَتْ الْأُمُّ قَبْضَ هِبَتِهَا لِابْنِهَا أَوْ إلَى غَيْرِ الْأَبِ حَتَّى يَبْلُغَ الِابْنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَكَرْت ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَنَّ يَتِيمًا أَلْزَمَتْهُ وِلَايَةٌ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ وَشَرَطَ فِي صَدَقَتِهِ أَنْ تَكُونَ يَدُ الْيَتِيمِ مُنْطَلِقَةً عَلَيْهَا أَوْ لَا يَنْظُرُ الْوَصِيُّ فِيهَا بِشَيْءٍ وَلَا يَأْخُذُهَا ثِقَافُ الْوِلَايَةِ فَإِنَّ لَهُ شَرْطَهُ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْوِلَايَةُ فِيمَا وَرِثَ الْيَتِيمُ أَوْ اسْتَفَادَ أَوْ أُعْطِيَ بِغَيْرِ هَذَا الشَّرْطِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأُمِّ تَفْوِيضُ قَبْضِ مَا وَهَبَتْهُ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ الَّذِي فِي حِجْرِ أَبِيهِ إلَى غَيْرِهِ لِمَا يُخَافُ مِنْ تَحَامُلِ الْآبَاءِ فِي أَمْوَالِ الْبَنِينَ وَنَظَرُ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ نَظَرِ الْوَصِيِّ فَقَدْ أُزِيحَ نَظَرُهُ لِابْنِهِ فِي صَدَقَةِ الْأُمِّ عَلَيْهِ وَتَفْوِيضِهَا النَّظَرَ فِي صَدَقَتِهَا عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ الْأَبِ. وَقَدْ نَزَلَتْ فَأُفْتِيَ فِيهَا بِهَذَا

ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ قُيِّدَ هَذَا الْقَوْلُ بِكَوْنِ الْيَتِيمِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي يَرَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ الْوِلَايَةِ كَانَ أَوْجَهَ وَكَانَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا أَخْذُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَا يَخْلُو مِنْ بَحْثٍ اهـ. وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ قَرِيبًا:

وَنَافِذٌ مَا حَازَهُ الصَّغِيرُ ... لِنَفْسِهِ أَوْ بَالِغٌ مَحْجُورُ

(وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ) وَشَرْطُ الْوَقْفِ حَوْزُهُ عَنْهُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ وَمَرَضِ مَوْتِهِ وَإِلَّا بَطَلَ مَا نَصَّهُ

(فَرْعٌ) وَمَنْ هُوَ الْحَائِزُ فَنَقُولُ التَّحْبِيسُ إنْ كَانَ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حَائِزٍ مُعَيَّنٍ بَلْ إذَا خَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ صَحَّ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ حِيَازَتِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَحَازَ لِنَفْسِهِ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ تَصِحُّ حِيَازَتُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ خُرُوجُ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُحْبِسِ.

وَوَقَعَتْ أَيَّامَ الْقَاضِي مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ فَشَاوَرَ فُقَهَاءَ بَلَدِهِ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ حِيَازَةٌ حَاشَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ وَالْبَاجِيّ فِي وَثَائِقِهِ كَقَوْلِ إِسْحَاقَ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ (ابْنُ رُشْدٍ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ حِيَازَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَإِنْ حَازَ غَيْرَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ بِوَكَالَةٍ فَذَلِكَ نَافِذٌ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَكِيلِ قَبْضٌ لِمُوَكَّلِهِ سَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا أَوْ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ لَا يَخْلُو الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَجَعَلَ الْمُحَبِّسُ أَوْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ ذَلِكَ بِيَدِ مَنْ يَحُوزُ لَهُ حَتَّى يَقْدَمَ جَازَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا افْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَفِي الْحَبْسِ يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُحَبِّسُ مَنْ يَحُوزُ لَهُ وَيُجْرِي الْغَلَّةَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ اهـ.

وَهُوَ كَلَامٌ مُلَخَّصٌ إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ التَّوْضِيحِ وَبِغَيْرِ وَكَالَةٍ لَا يَخْلُو الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا أَوْ غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا إلَخْ وَهُوَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ أَوَّلَ كَلَامِهِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حَائِزٍ مُعَيَّنٍ يَلِي إذَا خَلَّى إلَخْ إنَّمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي تَحْبِيسِ الْمَسْجِدِ نَفْسِهِ وَأَمَّا فِي التَّحْبِيسِ عَلَى الْمَسْجِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوَّلًا التَّحْبِيسُ إنْ كَانَ عَلَى الْمَسَاجِدِ إلَخْ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ يَحُوزُهُ إمَامُ الْمَسْجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ بِوَكَالَةٍ يَعْنِي مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَحَازَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ لِنَفْسِهِ وَلِلْغَائِبِ فَذَلِكَ حَوْزٌ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْغَائِبُ بِالْهِبَةِ وَقَوْلُ النَّاظِمِ لِجَائِزِ الْقَبْضِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْزِ وَلَامُهُ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ النَّاظِمُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَوْزِ فِي صِحَّةِ التَّحْبِيسِ وَعَلَى مَنْ هُوَ الْحَائِزُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015