وَلَا يَشْمَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ.
وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
وَحَيْثُ جَاءَ مُطْلَقًا لَفْظُ الْوَلَد ... فَوَلَدُ الذُّكُورِ دَاخِلٌ فُقِدْ
لَا وَلَدُ الْإِنَاثِ إلَّا حَيْثُمَا ...
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَحَيْثُ جَاءَ لَفْظُ الْوَلَدِ مُطْلَقًا مِمَّا لَوْ جَاءَ مُقَيَّدًا كَمَا لَوْ قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدَيَّ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَأَوْلَادِهِمَا فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ دَاخِلٌ.
وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي قَوْلِهِ إلَّا حَيْثُمَا
بِنْتٌ لِصُلْبٍ ذِكْرُهَا تَقَدَّمَا
أَيْ فَلَا يَخْرُجُ وَلَدُ الْبِنْتِ مِنْ لَفْظِ الْمُحَبِّسِ حِينَئِذٍ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ لِلتَّصْرِيحِ بِالْبِنْتِ ثُمَّ بِلَفْظِ الْوَلَدِ الْمُتَّصِلِ بِضَمِيرِ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَهُ مِنْ وَلَدٍ وَبِنْتٍ وَهُوَ مَعْنَى ذِكْرُهَا تَقَدَّمَا.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَى بَنِيَّ أَوْ عَلَى عَقِبِي فَإِنَّهُ يَشْمَلُ وَلَدَ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
وَمِثْلُهُ فِي ذَا بَنِيَّ وَالْعَقِبْ
أَيْ مِثْلُ الْوَلَدِ فَبَنِيَّ مُبْتَدَأٌ وَالْعَقِبُ عَطْفٌ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ أَنَّ لَفْظَ بَنِيَّ وَالْعَقِبُ مِثْلُ لَفْظِ الْوَلَدِ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ شُمُولُ وَلَدِ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ وَأَمَّا إذَا قَالَ حَبْسٌ عَلَى ذُرِّيَّتِي فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ دَاخِلٌ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ
وَشَامِلٌ ذُرِّيَّتِي فَمُنْسَحِبْ
فَذُرِّيَّتِي مُبْتَدَأٌ وَشَامِلٌ خَبَرُهَا وَمُنْسَحِبْ عَطْفٌ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى وَشَامِلٌ وَالْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْوَاوِ لَا بِالْفَاءِ أَيْ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ شَامِلٌ لِوَلَدِ الْبِنْتِ وَمُنْسَحِبٌ عَلَيْهِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَلَدِي.
وَأَوْلَادِي يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الصُّلْبِ مُطْلَقًا وَوَلَدَ ذُكُورِهِمْ (التَّوْضِيحُ) مُطْلَقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَوَلَدَ ذُكُورِهِمْ دُونَ وَلَدِ الْإِنَاثِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرِهِ فِي إدْخَالِهِمْ أَيْ إدْخَالِ وَلَدِ الْإِنَاثِ فِي لَفْظِ الْوَلَدِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَوَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي الْمَنْصُوصُ أَيْضًا لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانَةُ وَأَوْلَادُهُمْ يَدْخُلُونَ اتِّفَاقًا.
(قَالَ الْبَاجِيُّ) وَأَخْطَأَ ابْنُ زَرْبٍ وَعَقِبِي كَوَلَدِي فَإِنْ حَالَتْ دُونَهُ ابْنِي فَلَيْسَ بِعَقِبٍ وَنَسْلِي كَذَا وَذُرِّيَّتِي يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ عِيسَى مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ انْتَهَى لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ كَافٍ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ وَنَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ مَا نَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَذِهِ الدَّارُ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي فَهِيَ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ شَيْءٌ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَأَجْمَعَ النَّاسُ أَنَّهُ لَا يُقَسَّمُ لِوَلَدِ الْبَنَاتِ فِي الْمِيرَاثِ شَيْءٌ اهـ.
وَقَدْ خَرَجَ مِنْ هَذَا أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ مُفْرَدًا كَانَ كَوَلَدِي أَوْ جَمْعًا كَأَوْلَادِي سَوَاءٌ عَطَفَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي أَوْ لَمْ يَعْطِفْ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مِمَّنْ تَحْتَ وَلَدِ الصُّلْبِ لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ دُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَالْحَوْزُ شَرْطُ صِحَّةِ التَّحْبِيسِ ... قَبْلَ حُدُوثِ مَوْتٍ أَوْ تَفْلِيسِ
لِحَائِزِ الْقَبْضِ وَفِي الْمَشْهُورِ ... إلَى الْوَصِيِّ الْقَبْضُ لِلْمَحْجُورِ
اشْتَمَلَ الْبَيْتَانِ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ (الْأُولَى) أَنَّ الْحَوْزَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّحْبِيسِ وَيُشْتَرَط كَوْنه قَبْلَ فَلَسِ الْمُحَبِّسِ أَوْ مَوْته وَقَاعِدَة الشَّرْط أَنَّهُ يَلْزَم مَنْ عَدِمَهُ الْعَدَم فَإِذَا لَمْ يُحَزْ أَصْلًا أَوْ حِيزَ بَعْدَ مَوْت الْمُحَبِّسِ أَوْ فَلَسِهِ فَلَا يَصِحُّ وَكَذَا لَا يَصِحّ إذَا حِيزَ بَعْدَ وُقُوعِ الْمَرَضِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ التَّصْرِيحُ بِحُكْمِ إخْلَالِ هَذَا الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ
وَبِانْسِحَابِ نَظَرِ الْمُحَبِّسِ ... لِلْمَوْتِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْحَبْسِ
وَلَيْسَ اشْتِرَاطُ الْحَوْزِ خَاصًّا بِالتَّحْبِيسِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ مَا يَنْتَقِلُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ التَّبَرُّعُ مُطْلَقًا كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّحْلَةِ عَلَى قَوْلِ وَجَمِيعِ الْعَطَايَا وَالْبُطْلَانُ الْمَذْكُورُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ إنَّمَا هُوَ إذَا حَبَّسَ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يُوصِ بِتَنْفِيذِهِ فِي مَرَضِهِ أَمَّا إذَا حَبَّسَ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فِي صِحَّتِهِ وَأَوْصَى فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِإِنْفَاذِهِ فَإِنَّهُ يُنْفَذُ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثَ مَضَى وَمَا لَمْ يَحْمِلْهُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ.
(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ سَحْنُونٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَنْ حَبَّسَ نَخْلَ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ قَالَ يَبْطُلُ حَبْسُهُ وَيَكُونُ مِيرَاثًا إلَّا أَنْ يُوصِيَ فِي مَرَضِهِ بِإِنْفَاذِ ذَلِكَ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ هَذَا فِيمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَوْ وَهَبَ هِبَةً لِمَنْ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَهُ حَتَّى مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ أَوْ الْوَاهِبُ لَمْ يَنْفُذْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ وَالْعَطَايَا وَالنِّحَلُ فِي هَذَا عَلَى مَا فَسَّرْت لَك قُلْت لَهُ فَإِنْ حَبَّسَ نَخْلَ حَائِطِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي مَرَضٍ. وَلَمْ يَخْرُجْ الْحَائِطُ مِنْ يَدِهِ