إذًا نقول: فترجمة القرآن ترجمة حرفية محالةً وغير ممكنة ولا مقدورة أو مقدور عليها والعلماء متفقون على عدم إمكانها فضلاً عن وقوعها، يعني: لا تتصور عقلاً فضلاً عن هل وقعت أم لا؟ ولهذا قال القفال الشاشي رحمه الله: عندي أنه لا يقدر أحدًا أن يأتي بالقرآن بالفارسية. لماذا؟ قال: لأنه إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله جل وعلا وإنما إن جاء فإنما يكون ببعض. وأحسن من هذا أن يقال: إنه يخرجه عن كونه قرآنًا، وعن كون معجزًا، وعن كونه متعبد بتلاوته لأنه إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتي بجميع مراد الله الرب جل وعلا فإن الترجمة - هكذا قال - إبدال لفظة بلفظة تقوم مقامها وذلك غير ممكن إذًا نقول: الخلاصة القراءة بغير اللسان عربي غير متصور عقلاً فضلاً عن كونه واقعًا أو ليس بواقع، فظهر من هذا كما قال الزركشي فظهر من هذا أن الخلاف في جواز قراءته بالفارسية لا يتحقق لعدم إمكان تصوره لأن في كتب الفروع يذكرون هذه المسألة إذا ذكروا الفاتحة وأنها ركن هل يجوز قراءتها الفارسية أو لا؟
هذا خلاف غريب جدًا هل يجوز قراءته بالفارسية أو لا؟ فمنهم من يقول: جائز. ومنهم من يقول: لو جاز بطلت صلاته. وبضعهم يقول: فسدت الصلاة. وبعضهم يقول: جائز لمن لا يحسن. نقول: هذا الخلاف باطل من أصله لماذا؟ لأنه لو نقل بالفارسية لخرج عن كونه قرآنًا صار متكلمًا بكلام ليس من جنس الصلاة فبطلت صلاته {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} [يوسف: 2] وقوله: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً} [فصلت: 44]. قال الزركشي رحمه الله تعالى في (البرهان): واستقر الإجماع على أنه تجب قراءة القرآن على هيأته التي يتعلق بها الإعجاز لنقص الترجمة عنه ولنقص غيره من الألسن عن البيان الذي اختص به دون سائر الألسنة. وعبر عن هذا المعنى ابن تيمية رحمه الله تعالى بقوله: وأما الإتيان بلفظ يبين المعنى كبيان لفظ القرآن فهذا غير ممكن أصلاً. إذا قيل: غير ممكن. يعني: لا يتصور في العقل فضلاً عن كونه موجودًا في الواقع أم لا. فالنفي هنا نفي للإمكان وللتصور فضلاً عن كونه واقعًا أو ليس بواقعٍ.
أما الترجمة التفسيرية المعنوية فهي كما ذكرناه سابقًا أن يأتي إلى المعنى فيأخذ المعنى ويترجمه إلى لغة أخرى هذا أيضًا فيه تفصيل ليس على إطلاقه منعًا ولا جوازًا، وأما الترجمة التفسيرية المعنوية من أجل العمل فجائزة وقيدها بعضهم كالزركشي في (البرهان) للضرورة يعني: المعنى معاني القرآن يفسر بلغة بلسان غير عربي للضرورة لماذا؟ لما سيأتي إن شاء الله وهذا على ما مشى عليه كثير من عدم التفريق بين التفسيرية والمعنوية والأحسن أن يقال: ثّمَّ فرق بين التفسيرية والمعنوية. قال الشاطبي في الموافقات بعد أن قسم لنا معاني القرآن إلى نوعين:
معانٍ أصلية.
ومعانٍ ثانوية.
لأنه يطلق القول فيقال: الترجمة المعنوية للقرآن جائزة، وهذا يطلقه البعض لكن هذا ليس على إطلاقه لأن المعنى الذي دلّ عليه القرآن نوعان:
معانٍ أصلية.
ومعانٍ ثانوية فرعية.