المعاني الأصلية المراد بها: التي يستوي في فهما كل من عرف مدلولات الألفاظ المفردة والمركبة وأساليب تركيب المعرفة العامة إجمالية يعرف أن سورة الفاتحة تبحث في ماذا؟ تبحث في إثبات الربوبية جل وعلا، وإثبات الألوهية، وإثبات الأسماء والصفات، إذًا هذا فهم عام.

وأما المعاني الثانوية هي: خصائص اللسان العربي التي يرتفع بها شأن كلام مما يتعلق بعلوم البيان والمعاني والبديع ما يمسى عندهم بخواص التراكيب.

إذًا ثَمَّ معنى أصلي يستوي في فهمه سواء كان متعلمًا أو مدركًا لما يدرك به خصائص التراكيب أو لا، يعني يستوي فيه العامي الذي عنده نوع بيان وغيره، وثَمَّ معانٍ في القرآن ثانوية لا تدرك إلا بعمق وتدبر ونظر في كلام العرب أولاً ثم من القرآن حتى تستنبط هذه المعاني من تقديم وتأخير وحذف واستعارة وكناية ومجاز وحقيقة إلى آخره كونه مشتركًا لفظيًا أو مشتركًا معنويًا إلى آخره فنقول: هذه خواص التراكيب التي لا تدرك إلا بالبيان ولا تدرك إلا بالبديع والمعاني وإلا تدرك إلا بالتعمق والرسوخ في لغة العرب هذه لا يمكن ترجمتها، وإنما تتعلق الترجمة بالمعاني الأصلية فقط لذلك قال الزمخشري: إن في لسان العرب. أو قال: كلام العرب من لطائف المعاني ما لا يستقل بأدائه لسان. يعني: لسان العرب يدل على معانٍ ولطائف وخصائص تتعلق بالتراكيب هذه الخصائص وهذه المعاني الخاصة واللطائف التي تؤخذ من لسان عربي لا يمكن أن يقوم مقام اللسان العربي لسان آخر حينئذٍ تتعذر الترجمة لمعاني القرآن الثانوية كما تعذرت ترجمة القرآن ترجمة حرفية تتعذر أيضًا عقلاً ولا يتصور ترجمة ماذا؟ المعاني الثانوية، وهذا النوع من المعاني الثانوية غير مقدور عليه في ترجمة القرآن لأنه لا يفي بحقها أي لسان غير اللسان العربي لأن أي لغة لا تحمل تلك الخواص كل لغة لا تحمل تلك الخواص.

أما القسم الأول وهو المعاني الأصلية فهي التي يمكن نقلها إلى لغة أخرى قال الشاطبي رحمه الله - الشاطبي بحث هذه المسألة في (الموافقات) بحث نفيس -: إن ترجمة القرآن على الوجه الأول - ويعني به النوع الأول المعاني الأصلية - ممكن إن ترجمة القرآن على الوجه الأول - وهو المعاني الأصلية العامة التي يشترك في فهمها الكل - ممكنٌ ومن جهته صح تفسير القرآن وبيان معانيه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه وكان ذلك جائزًا باتفاق أهل الإسلام فصار هذا الاتفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي.

إذًا عرفنا أنه لا بد من التفريق في القول بأنه يصح ترجمة معاني القرآن بين المعاني الأصلية والمعاني الثانوية، المعاني الثانوية هذه كالترجمة الحرفية لماذا؟ لأنه كما لا يقوم حرف مقام حرفٍ كذلك لا يقوم حرفٌ من لسان غير عربي في مقابلة معنى ثانوي إذا صار متعذرًا بقي ماذا؟ المعاني الأصلية وهل كل معنى أصلي يصح ترجمته أو لا هذا أيضًا فيه تفصيل.

الترجمة التفسيرية أن يفسر القرآن ثم يترجم هذا التفسير فإن هذا يكون ترجمة تفسير القرآن فيبين الكلام بلغة أخرى ولا بأس بذلك لماذا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015