لانتفاء كونه كلام الرب جل وعلا وإنما ينسب إلى قائله، ثم انتفاء كونه معجزًا، ثم انتفاء كونه منزل من عند الرب جل وعلا.

إذًا لم ينطبق عليه الحد، فكل دعوى إلى ترجمة القرآن ترجمة حرفية بأن يُجعل بإيذاء كل كلمة في القرآن كلمة أخرى من لغةٍ أجنبية ونحوها نقول: هذا يبطله تعريف القرآن السابق، وحينئذٍ لا نحتاج إلى دخول في تفاصيل.

إذًا نقول: المعنى الذي دل عليه البيت السابق هو أنه يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي وبالمترجم به.

الترجمة ما المراد بالترجمة؟ قال في القاموس: التُّرجمان المفسر للكلام، وقد ترجمه وترجم عنه إذا فسر كلامه بلسان آخر، وقيل: نقله من لغة إلى لغة أخرى.

إذًا نقول: الترجمة في اللغة تأتي بمعنى التفسير والبيان والإيضاح وتأتي بمعنى النقل. الترجمة التي يمكن أن تكون داخلة معنا هنا في البحث نوعان:

ترجمة حرفية.

وترجمة تفسيرية معنوية.

الترجمة التفسيرية المعنوية هذه تتعلق بالمعنى فقط دون اللفظ فيُشرح المعنى بلغة أخرى من غير تقييد بحرفية اللفظ. يعني: يأتي إلى مراد من آية فيقول: المراد بهذه الآية كيت وكيت بلسان آخر غير عربي هذه تسمى ماذا؟

ترجمة تفسيرية معنوية أن يترجم وينقل المعنى الذي دل عليه القرآن يترجمه إلى لغة أخرى من غير أن يتقيد بترتيب الآيات ولا الكلمات.

الترجمة الحرفية هي: إبدال لفظ الأصل بلفظ آخر مرادف له باللغة أخرى. يأتي {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] {الْحَمْدُ} في لغة العرب الحمد يأتي بالفارسية يقول: كذا. {للهِ} هذا في العربية يأتي بالفارسية يقول: كذا {رَبِّ} في العربية يأتي بمرادفها في الفارسية {الْعَالَمِينَ} يأتي بمرادفها في الفارسية فتكون هذه ترجمة ماذا؟ حرفية نقل كل كلمة من العربية إلى الفارسية نقول: هذه ترجمة حرفية. والتفسيرية المعنوية ينظر إلى المعنى دون أن يتقيد، تقول: وصف الرب جل وعلا بالربوبية وأنه رب للعالمين يأتي بهذا المعنى فيترجمه إلى لغة أخرى نقول: هذه ترجمة تفسيرية معنوية.

نقول: ترجمة القرآن ترجمةً حرفية محالةٌ وغير ممكنة ولا مقدور عليها. هذا محال يستحيل أن يترجم القرآن حرفًا حَرفًا بلغة أخرى ولذلك ما نقل أبي حنيفة رحمه الله بأنه أجاز قراءة القرآن بالفارسية مطلقًا سواء كان في الصلاة أو في غيرها لمن أحسن العربية أو غيرها هذا رُدَّ عليه مع صحة رجوعه رحمه الله عن هذا القول، رُدَّ عليه بأنه لو جاز الترجمة الحرفية لخرج عن كونه قرآنًا وهذا يكفي في إبطال هذا القول، لو جازت الترجمة الحرفية لخرج عن كونه قرآنًا لأن القرآن ماذا؟ نزل {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195] ولذلك جاء {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً} [فصلت: 44] وهذا يدل على ماذا؟ على أنه لا يمكن أن يكون ماذا؟ أن يكون أعجميًا حينئذٍ ما نُسب إلى أبي حنيفة أنه يجوز قراءة القرآن بالفارسية كان في أول أمره ثم رجع، وأما أبو يوسف فقيده بأن لم يحسن العربية لكن ما ذكرناه هو أصح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015