أن تقرءان على أسماء ويحكما ... مني السلام وأن لا تشعرا أحدا
أن تقرءان، تقرءان: النون ثابتة أو لا؟ ثابتة والأصل أن تقرءا هذا مذهب البصريين وعند الكوفيين لا يجوز فحينئذٍ تكون أن مخففةً من الثقلية. إذًا قوله: (وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) فيه إشكالان وقد وجد الحلان الحمد لله (وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) الفرق بين أن المصدرية معمولها بمعمول المعمول، ما هو معمول أن؟ الفعل ترجم ما معمول المعمول (بِهِ) حصل الفصل بين (أَنْ) ومعمولها وهو جائزٌ في الضرورة وهو مذهب البصريين، وبعضهم جوزه مطلقًا يعني في النثر وفي الضرورة (وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) بالرفع نقول هذا أيضًا جائزٌ ومقيس كما هو مذهب ابن مالك رحمه الله تعالى وإلا الأصح والأحسن نقول الأصح لو قيل (قراءة به وأن يترجم) لا إشكال وبعض النسخ فيه شرح التفسير هكذا (قراءة به وأن يترجم)، على جعل (بِغَيْرِ) الباء حرف جر زائد وليس بأصلي فلا يحتاج إلى متعلق، وحينئذٍ لو قيل (بِغَيْرِ) متعلقٍ بقراءة حينئذٍ نقول: (قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) وهذا أحسن.
ما اختص به علم التفسير
بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ تَحْرُمُ ... قِراءَةٌ وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ
يعني مراده أنه لا يجوز ويحرم قراءة بغير اللفظ العربي (وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف على ماذا؟ يحتمل أنه على (قِراءَةٌ) ويحتمل أنه على عطف على (غَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ) إن عطفناه على الأول (بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ) صار من عطف التفسير وإن عطفناه على الآخر (قِراءَةٌ) فاعل صار العطف مغايرًا، وأيهما أولى؟
الثاني عطف المغايرة هو الأصل وإذا تردد أن يكون بين عطف التفسير وعطف المغايرة حمل على الثاني، (وأَنْ بِهِ يُتَرْجَمُ) المصدر المنسبك عطفٌ على (بِغَيْرِ لَفْظِ العَرَبِيِّ) عطف تفسير ويدل عطفه على (قِراءَةٌ) المعنى المراد بهذا البيت أنه يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي وبالمترجم به، وعلى الثاني نقول: يحرم قراءة القرآن بغير اللفظ العربي وترجمته، تحرم الترجمة وتحرف القراءة بغير اللفظ العربي.
هذه المسألة وقع فيها نزاع عند بعضهم وكان الخلاف ليس بواقع وإنما هو متصور أو متوهم لكن هذا يمكن رده بالحدِّ، نقول: القرآن ما هو؟ كلام الله المنزل على نبيه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - المتعبد بتلاوته المعجز بلفظه. إذًا هو كلام الله ألفاظه وحروفه ومعانيه وتراكيبه وجمله وسوره وآياته من أين؟ من الله جل وعلا ... (المُنْزِلُ) إذًا هذا مكان محلها منزلةٌ وإذا ترجم القرآن بلغةٍ أخرى قبل أن ندخل في التفاصيل نقول إذا ترجم القرآن بالفارسية مثلاً هل المترجم هو القرآن؟
نقول: القرآن هو كلام الله المنزل إذا قال: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ} ... [البقرة: 1، 2] أتى بكل كلمة ما يرادفها بالفارسية مثلاً أو الانجليزية أو الفرنسية، الكلام الإنجليزي هذا الذي ترجم به القرآن، الانجليزي هذا هل هو منزل من عند الرب جل وعلا؟
لا، بل الأمر واضح ولا يحتاج إلى كثير إعمال ذهن، حينئذٍ لو قيل بجواز ترجمة القرآن إلى لغةٍ أخرى بأن يُجعل كل لفظٍ مرادفٍ للفظ آخر في لغةٍ أخرى لبطل كونه قرآنًا لماذا؟