والتحدي ما هو؟ هو طلب المعارضة ولذلك صار القرآن معجزًا لماذا لكونه طولب أن يعارض به من كلام البشر فعجزوا عن ذلك {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: 88] فتحداهم أن يأتوا بمثل القرآن كله فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سورٍ من مثله مفتريات فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فدل على ماذا؟ دل على أن القرآن حق وأنهم عاجزون لماذا؟ لكون القرآن نزل بأعلى درجات لسان المخاطبة وهم فصحاء العرب وهم أرباب اللسان وهم مساطيع الفصحاء فلما كانوا على هذه الدرجة وكانوا يتنافسون في منثور الكلام وشعره فنزل القرآن بلغتهم فعجزوا عن أن يأتوا بسورةٍ من مثله فدل على أن القرآن حق فصار القرآن معجزًا دلالة على أنه حق وهذا الوصف مميز له عن غيره والذي يقصد في الحد هنا من باب التقريب ما يحصل به تمييز القرآن عن غيره، فحصل أو لا؟ نقول: حصل. وأما ما يُذكر في كتب البيان البلاغة كما مر معنا في ((الجوهر المكنون)) أن للبلاغة طرفان حدٌ أعلى، وحدٌ أدنى، والحد الأعلى فُسِّرَ هناك - وذكرناه سابقًا - أنه القرآن قالوا وما يقرب منه وما قاربه وذكرنا ماذا أن المراد به كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ولذلك جاء «فاختصر لي الكلام اختصارًا»، «أُوتيت جوامع الكلم». فدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يكون كلامه معجزًا أليس كذلك؟ ولأنه أبلغ الخلق في البلاغة والفصاحة والبيان فيجب أن يكون كلامه أعلى الدرجات حينئذٍ كيف يوصف القرآن بكونه معجزًا وقلنا هذا يتميز به القرآن دون غيره وأثبتنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله معجز وأنه أدنى من القرآن في البلاغة - وإن كان معجزًا - أجيب: بأن المقصود هناك الإعجاز من باب التحدي وهو مقصودٌ لذاته والنبي - صلى الله عليه وسلم - قوله معجز إلا أنه مقصود تبع لا لذاته.

ويوصف اللفظ بتلك باعتبار ... إفادة المعنى بتركيب يُصار

وقد يسمى ذاك بالفصاحة ... ولبلاغة الكلام ساحة

بطرفين حدّ الإعجاز علُ ... وما له مقارب ......

علُ يعني أعلى

................ ... وما له مقارب والأسفل

هو الذي إذا لدونه نزل

صار كصوت الحيوان مستفل

إذًا البلاغة لها درجتان أعلى وأدنى، أدنى ما يصل إلى درجة أصوات البهائم هكذا قيل وأعلى هذا هو القرآن وما قاربه

بطرفين حدّ الإعجاز عل ... وماله مقارب .....

وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن الأول مقصودٌ لذاته لكونه معجزًا ولإثبات كون القرآن حقًا وأن دعوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرسالة صدق، والثاني يكون ماذا؟ يكون لغيره (ومِنْهُ الإعْجازُ) قلنا (ومِنْهُ الإعْجازُ) (الإعْجازُ) ماذا إعرابه هنا؟

مبتدأ مؤخر وأين خبره (ومِنْهُ الإعْجازُ) ومن ذلك الكلام (الإعْجازُ). ما هو الفاعل؟ [أحد الإخوة قال: فاعل فقال له الشيخ: أنت كوفي، إذا كنت كوفيًا نقبل منك الكوفيون يرون تقدم الفاعل على العامل، والصواب عدمه].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015