إلى آخره سواء علمناه أو لم نعلمه، (عَلى مُحَمَّدٍ) لا على غيره كالتوراة والإنجيل والزبور (ومِنْهُ الإعْجازُ) هذا فصل ثان هذا الفصل الثاني وهو الْمُعَبَّر عند بعضهم بالْمُعْجِز بلفظه، كلام الله تعالى الْمُنَزَّلُ على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الْمُعْجِزُ بلفظه، وتلحظون أن المصنف لم يقل الْمُتَعَبَّد بتلاوته - وقد ذكرناه بالأمس - لماذا؟ للاحتراز عن الأحاديث القدسية والآيات المنسوخة (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، هذه كانت آيةً نسخت إذًا لم يُتعبد بتلاوته هي كلام الله ونزل على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - لكنه لم يتعبد بتلاوته إذًا خرجت الآيات المنسوخة وخرجت الأحاديث القدسية على القول بأن اللفظ والمعنى من عند الرب جل وعلا، لكن قيل أن قوله: (المتعبد بتلاوته) هذا حكمٌ من أحكامه والحكم على الشيء فرع عن تطوره، إذًا لا يمكن إدخاله في الحدود، ونزيد بما ذكرناه بالأمس أن المراد في حد القرآن هو التقرير فقط والرسم وليس المراد إجراءه على طريقة المناطقة ونحوهم هذا هو المراد، وبذلك يذكر كل وصفٍ يمكن أن ينفصل القرآن عن غيره (المتعبد بتلاوته) أي: لازم يكون ذكره أولى من حذفه لأنه يمتاز به القرآن عن غيره، وأما صفة المعجز بلفظه نقول هذا نعم اختص به القرآن على جهة القصد (ومِنْهُ الإعْجازُ) ... (ومِنْهُ) الواو واو الحال يعني والحال أن منه من القرآن من ذلك الكلام ... (الإعْجازُ) للخلق أن يكون مُعْجِزًا للخلق أن يكون هذا الكلام الْمُنَزَّلُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - معجزًا للخلق لإظهار صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعواه الرسالة لأنه رسول ادَّعى الرسالة لا بد من دليل يثبت ذلك صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى أن القرآن الذي معه حق حينئذٍ يكون الإعجاز هنا كونه معجزًا بلفظه هل هو لذاته أم لغيره؟ نقول: لغيره، وهو إثبات أن القرآن حق كون القرآن معجزًا لإثبات القرآن حق ولإثبات أن دعوى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه رسول دعوى صدق وحق فصار ماذا؟ فصار كون القرآن معجزًا بلفظه ليس المقصود به الزعم وإنما المقصود به إثبات شيئين اثنين وهما: أن القرآن حق، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صادق في دعواه الرسالة. ولذلك صار القرآن معجزًا أو قل آية والمعجزة عندهم أمرٌ خارقٌ للعادة مقرونٌ بالتحدي مع عدم المعارضة.