هذا تعريفٌ للقرآن (فذاكَ) الإشارة هنا للتعظيم لذلك قال: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2]. ولم يقل هذا كتاب لماذا؟ لإفادة التعظيم لأن التعظيم يشار إليه بالبعد (فذاكَ) المشار إليه، هنا الإشارة بالبعد للدلالة على التعظيم (فذاكَ) الفاء فاء الفصيحة أي فأقول لك ذلك لماذا؟ لأنه قال: (بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ) فكأن سائلاً قال: ما هو الذي خُصِّصَ به علم التفسير قال: (فذاكَ) فأقول لك ذاك فيكون المشار إليه القرآن ضمنًا إذا كان المشار إليه قوله: (بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ) ويكون المشار إليه القرآن صراحةً إذا كان المشار إليه قوله: (عَنْ أَحوالِ كِتابِنا) (فذاكَ) المشار إليه ما هو؟ القرآن ذُكِرَ القرآن في السابق مرتين (حَدُّ عِلْمِ التفسيرِ) (كِتابِنا) وهو القرآن، وذكر ضن في قوله: (بِبَعْضِ ما خُصِّصَ فيهِ مُعْلِمَةْ) لأن أهم ما يذكر في المقدمة تعريف القرآن ثم السورة ثم الآية ... إلى آخره فأعظم ما يعرف القرآن فذكر مرة ضمنًا وذكر مرة صراحة، فحينئذٍ لما استحضر أن ثم سائلاً ما هو الذي خُصِّصَ به أو ما هو كتابنا؟ حينئذٍ قال: (فذاكَ) فالفاء فاء الفصيحة، فَصِيحَة فَعِيلَة بمعنى مُفْصِحَة من الإفصاح وهو البيان والإيضاح لأنه أفصحت عند جواب شرطٍ مقدم. إذًا الإشارة للتعظيم (فذاكَ مَا عَلى مُحَمَّدٍ نَزَلْ) (مَا) أي: كلام الله كما ذكرناه سابقًا، وتجد بعضهم يقول الأولى أن يفسر ما هنا بلفظ لماذا؟ قالوا: لأنك لو قلت معي كلام الله كلام الله يشمل النفسي واللفظي والمراد به هنا ماذا على حد ... زعمهم؟ النفسي، حينئذٍ لو قلت لفظٌ تعين أن المراد به غير النفسي، ونقول هذا باطل كما ذكرناه بالأمس إذًا (مَا) أي كلام الله ولو قلت اللفظ أيضًا صح على طريقة أهل السنة كلام الله الذي نزل على محمد هنا ذكر ماذا؟ ذكر جنس (مَا) هذا جنس و (نَزَلْ) على صلة الموصول (عَلى مُحَمَّدٍ) هذا فصلٌ (ومِنْهُ الإعْجازُ) هذا فصلٌ ثان، ذكر جنسًا وثلاثة فصول، الجنس قوله: (مَا) و (نَزَلْ) هذا فصلٌ أول و (عَلى مُحَمَّدٍ) هذا فصلٌ ثانٍ (ومِنْهُ الإعْجازُ) هذا فصلٌ ثالث، الجنس يُدْخِل والفصل يُخْرِج فحينئذٍ لا بد من دخول وخروج (مَا) أي: كلام الله أَخْرَجَ ماذا؟ كلام غير الله جل وعلا من كلام الإنس والجن والملائكة خرج بقوله كلام الله بالإضافة وحينئذٍ يَرِدُ السؤال كيف عين أن المراد بـ (مَا) هنا كلام الله، (مَا) اسم موصول مبهم والإبهام يحتاج إلى تعيين حينئذٍ كيف فسرنا (مَا) هنا بكلام الله؟