(مُقَدِّمَةْ) قال المصنف رحمه الله تعالى: (مُقَدِّمَةْ) والأولى أن يقول المقدمة نعم صحيح الأولى أن يقول: المقدمة. لأن الأكثر في لغة العرب أن إعادة النكر نكر يدل على أن الثاني غير الأول حينئذٍ (لا بُدَّ مِنْ مُقَدِّمَةْ) المقدمة التي ذكرت أولاً فإعادة نكرة معرفة يدل على أن الثاني هو عين الأول ولذلك قال في الأخير الخاتمة: لأنه قال: (وبَعدَها خاتِمَةٌ) ثم قال: الخاتمة. جاء الوجه الأفصح لكن يقال بأن هذه قاعدة ليست مطردة وإنما هي قاعدة أغلبية على حد قوله جل وعلا: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]. السبكي انتقض هذه القاعدة بمثل هذا الآيات {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84]. إعادة النكرة نكر يدل على أن الثاني غير الأول هذا هو الغالب لكنه في الآية هذه هو عينه، النكرة الثانية هي عين النكرة الأولى لأنك لو قلت غيره لأثبت إلهين وهذا باطل أثبت التعدد، فحينئذٍ {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ}. نقول: هذا ماذا الإله الثاني هو عين الإله الأول، وإن كان الأكثر إعادة النكرة معرفة
ثم من القواعد المشتهرة ... إذا أتت نكرة مكررة
تغايرا وإن يعرّف ثاني ... توافقا كذا المعرفان
تغايرا يعني: الثاني غير الأول
شاهدها الذي رُوينا مُسندا ... لن يغلب اليسرين عسرٌ أبدا
إذًا الأولى أن يقول المقدمة ولو قال مقدمة لا إشكال.
(مُقَدِّمَةْ) إعرابها أنها خبرٌ مبتدأٍ محذوف هذه مقدمةٌ، و (مُقَدِّمَةْ) هذه محلها أو هذا محلها مقدمةٌ هذا محلها فيصح أن تكون مبتدأ ولو لم تحل بأل لماذا؟ لأنها صارت علمًا فصارت ماذا من ما يجوز الابتداء به وإن كانت في الأصل نكرة (مُقَدِّمَة) بكسر الدال كمقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منهم يقدم اللازم بمعنى ماذا؟ بمعنى تقدم ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]. أي لا تتقدموا، ويجوز فتح الدال على قلة مُقَدَّمَة من قَدَّمَ الْمُتَعَدِّي كَمُقَدَّمَة الرحل في لغة من قَدَّمَ الْمُتَعَدِّي أي في أمور مُتَقَدِّمَة أو مُقَدَّمَةٍ، في أمور مُتَقَدِّمَة بنفسها أو مُقَدَّمَةٍ، مُتَقَدِّمَة بنفسها إذا كان من قَدَّمَ اللازم أو مُقَدَّمَةٍ إذا قُدِّمَتْ يعني بفعل فاعل إذا كانت مأخوذة من الْمُتَعَدِّي من قدم الْمُتَعَدِّي، وحقيقتها مسائل تذكر أمام المقصود لارتباطٍ بينها وبين المقصود وهذا هو المراد بمقدمة الكتاب.
فذاكَ مَا عَلى مُحَمَّدٍ نَزَلْ ... ومِنْهُ الإعجاز بِسُورَةٍ حَصَلْ