أنواع علوم القرآن هي مسمى هذا الفن الذي يكون بالمعنى اللقبي العالمي بحيث إذا أُطلق اللفظ انصرف إلى هذا المعنى، إذا قيل: أصول الفقه انصرف إلى القواعد الكلية الإجمالية التي تثبت بها الفقه، إذا قيل: علوم القرآن. بالمعنى الإضافي ينصرف إلى أي شيء لا يتعين مسماه لأنه يُعم كل العلوم الشرعية لكن نريد أن نحده بحل بحيث إذا أطلق انصرف إلى معنى معين فنقول: علوم القرآن هي المباحث التي ذكرها الناظم هنا (بالخَمْسِ والخَمْسِينا) من الخمسةِ والخمسين نوعًا، فكل نوعٍ من هذه الأنواع الخمسة والخمسين هي من مسمى علوم القرآن ولذلك قيل: علمٌ ذو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من حيث نزوله وما يتبع ذلك. ولذلك قال الناظم: (مِنْ جِهَةِ الإِنْزَالِ ونَحْوِهِ) لأنه لا يمكن أن يعد ثمانين أو يعد مائة واثنين أو يعود خمسة وخمسين ويجعلها تعريف، لا، وإنما كل ما يتعلق بفهم القرآن على جهةٍ معينة خاصة وهي الوقوف على مكيه، وترتيبه، ونزوله، وآياته وعدد سوره إلى آخره هذا هو مبحث فن علوم القرآن.
إذًا عرفنا حد علوم القرآن. إذًا يسمى علوم القرآن وهذا هو المشهور يرادفه عند المتقدمين علوم التفسير سواء كان بالإفراد أو بالجمع يقال: علم القرآن. كما ذكرناه عن مقاتل بالأمس {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ} [البقرة: 269] قال: الحكمة ما هي؟ علم القرآن. وذاك عن سفيان قال: الفهم والإصابة. علم القرآن مفرد ولكنه أضيف إلى ماذا؟ إلى معنى فاكتسب التعريف فصار علوم القرآن ولذلك يقال: علم القرآن وعلوم القرآن. بالإفراد وبالجمع ويرادفه عند كثيرين علوم التفسير وعلم التفسير ولذلك سمى السيوطي رحمه الله كتابه ((التحبير في علم التفسير)) هذا على النسخة المطبوعة، وفي ((الإتقان)) قال: ((التحبير في علوم التفسير)) علوم بالجمع في علوم التفسير وهو مرادفٌ لعلوم القرآن ويسمى أصول التفسير ويسمى علم التفسير ويسمى علم التنزيه ويسمى أيضًا قواعد التفسير كلها أسماء لمسمى واحد.
موضوعه: كلام الله تعالى من حيثيةٍ مذكورة يبحث في أي شيء هذا الفن يبحث في ماذا؟ في كلام الله جل وعلا من حيث نزوله وترتيبه إلى سائر الأنواع التي تذكر في مظانها.
فائدته: التوصل إلى فهم معاني القرآن والعمل بما فيه بعد الفهم، ولذلك ما أنزل القرآن إلا من أجل العمل ولذلك عند جماهير أهل العلم أن التفسير واجبٌ بدليل قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. ذمهم أو لم يذمهم؟
ذمهم والذم إنما يترتب على ماذا؟
على ترك واجب، والتدبر إنما يكون بعد الفهم يعني: يتأمل ويتدبر ثم يحصل العبرة والعظة من النظر في القرآن ولم ينزل القرآن من أجل أن يقرأ فقط وإن كان متعبد بتلاوته لكنه ليس هو المقصد الأساسي من إنزال القرآن وإنما المراد به العمل.
واضعه: الرب جل وعلا ونبيه - صلى الله عليه وسلم - لذلك هو علم إلهي وإن استنبط بعض أهل العلم بعض الفوائد فمصدرها في الأصل هو: القرآن.
استمداده: من القرآن نفسه والسنة وأساليب العرب.
مسائله: ما يبحث فيه من معرفة المكي، والمدني، والصيفي، والشتائي إلى آخره.