إذًا كلام الله أضيف الكلام إلى لفظ الجلالة فأخرج ما عداه من كلام الإنس والجن والملائكة، كلام الله تعالى كلام مسمى كلام الرب جل وعلا على ما هو المقرر في كتب النحو أنه اللفظ والمعنى معًا، لأن كثير ممن يكتب في هذه المسائل في علوم القرآن وفي التفسير إنما يقصدون بالكلام هو: المعنى دون اللفظ إلا في أصول الفقه فيعنون به اللفظ مجازًا، والمعنى يحيلونه على علم أصول الدين ولذلك عَرَّف القرآن السيوطي في ((الكوكب الساطع)) بقوله:

أما القران ها هنا. جزء القرآن.

أما القرآن ها هنا فالمنزل ... على النبي معجزًا يفصَّل

إذًا القرآن في كتب أصل الفقه المراد به اللفظ، والمراد بالقرآن في أصول الدين عندهم علم الكلام ليس في العقيدة السلفية إنما هو علم محدث مبتدع المراد به الكلام النفسي، وإطلاق الكلام على المعنى النفسي أو الحديث حديث النفس هذا إطلاق حقيقي، واختلفوا في إطلاق الكلام على اللفظ هل هو حقيقي أو مجازي؟ المرجح عندهم أنه مجاز لماذا؟

لأن حقيقة صفة كلام الرب جل وعلا هو المعنى القائم بالناس والكلام أو اللفظ، اللفظ عبارة ودليل عن المعنى القائم بالنفس وهذا باطل بالنص لقوله جل وعلا: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ} [التوبة: 6]. والذي يسمع هو اللفظ دالاً على معناه، وهذا واضح ولا إشكال فيه ولذلك لا يعرف خلاف عن السلف في مثل هذه المسائل، والخلاف محدث وقيل: أول ما قال بالتفرقة هو الكُلابي. ولذلك الأشاعرة كُلابية المعنى هم يرجعون إلى الكُلابي من جهة إثبات أن المراد بالكلام هو المعنى النفسي وإطلاقه بأن المراد به المعنى النفسي يرده النص الذي ذكرناه ويرده إجماع النحاة بأن الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، هذا مجمع عليه عند النحاة، وكذلك لو صح إطلاق القول على،

لأن القول كلام بمعنًى لو صح إطلاقه على المعنى النفسي حينئذٍ لم احتاج إلى قيد في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ} [المجادلة: 8]. لأن حديث النفس هذا لا ينكره أحد هو موجود لا إشكال فيه هل أحد ينكر حديث النفس المعنى القائم في النفس؟ لكن هل هو كلام حقيقة أو لا؟ هذا محل النزاع هم يقولون: إذا أطلق لفظ الكلام؟ هكذا دون أن يقيد انصرف إلى معنى قائم بالنفس ولا يدل على اللفظ إلا بقرينه لأنه مجاز كذلك إذا أطلق القول انصرف إلى ماذا؟ إلى ما في النفس ولا يدل على اللفظ إلا بقرينه لأنه مجاز. نقول قوله جل وعلا: {وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ} [المجادلة: 8]. {فِي أَنفُسِهِمْ} ... [المجادلة: 8] جار مجرور متعلق بقوله: {وَيَقُولُونَ} [المجادلة: 8]. فلو كان القول إذا أطلق عن القيد انصرف إلى المعنى النفسي لما قيده؟

كأنه قال: يقولون في أنفسهم في أنفسهم. لأن القول إذا أطلق انصرف إلى المعنى النفسي فلم قيد؟ فدل على ماذا؟

دل على أن الأصل في اللفظ أن الأصل في القول هو اللفظ لأن العلم معناه ولذلك عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول: الكلام للفظ والمعنى كالإنسان للجسد والروح. الآن إذا قيل: هذا إنسان. نقول: هذا إنسان مسماه الجسد والروح معًا. هل هو الروح دون جسد أو الجسد دون الروح؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015