(والفُجَّارَ) بالنصب (في جَحِيْمِ)، (الفَصْلُ والوَصْلُ) هذا بابٌ مهمٌ في علم المعاني، هنا نظم أربعة أبيات والسيوطي في ((عقود الجمان)) تجاوزت السبعين يدل على أن مسائل هذا الباب كثيرةٌ جدًا ولذلك لما أُحْرِجَ الناظم قال: (بَحْثُهُما) في علم المعاني (ومِنْهُ يُطْلَبانِ). إذًا لن ينظم لك إلا مثال فقط، ولذلك سنذكر التعريف والمثالين فقط ما نستطيع أن نبين الفصل والوصل. قال في ((الإيضاح)) مبينًا أهمية هذا الباب الفصل والوصل قال: وتميز موضع أحدهما من موضع الآخر على ما تقتضيه البلاغة بند منها عظيم الخطر. يعني متى تفصل الجملة تعطفها على ما سبق، ومتى تقطعها؟
هذا في المفردات وفي الجمل، لكن اصطلحوا على أنه إذا أطلق الوصل والفصل انصرف إلى الجمل، وإلا في الأصح أنه يشمل المفردات، متى تعطف ومتى لا تعطف؟
فقط هذا الباب مبناه على هذا. (الفَصْلُ) هذا ماذا ترك العطف ... (والوَصْلُ) هو العطف، عطف بعض الجملة على بعض، متى تعطف ومتى تفصل؟
هذا لا يُتقنه أي أحد، هذا لا بد أن يكون على علمٍ دقيق بالمعاني وبالإعراب وبمواضع الجمل، يعني الذي لا يعرف الجمل التي لها محل من الإعراب والتي لا محل من الإعراب ويكون متمرسًا لا يستطيع، ما ينجح في هذا الباب، الذي قيل البلاغة هي معرفة الوصل والفصل، هنا يقول لك في ((الإيضاح)) القزويني: وتميز موضع أحدهما من موضع الآخر - يعني متى تفصل ومتى تصل - تميز بعضهما عن الآخر على ما تقتضيه البلاغة ليس برأسك وإنما على وصف البلاغة فنٌ منها من البلاغة عظيم الخطر صعب المسلك لطيف المأخذ لا يعرفه على وجهه ولا يحيط علمًا بكنهه إلا من أُوتي فهم كلامٍ العرب طبعًا سليمًا ورزق في إدراك أسراره ذوقًا صحيحًا. ولهذا قصر بعض العلماء البلاغة على معرفة الفصل من الوصل، ما هي البلاغة قال: معرفة الفصل من الوصل. لأنك إذا أتقنت هذا الباب كل أبواب البلاغة لا بد أن تكون منطوية تحت ذهنك، لا يمكن أن تتقن هذا الباب إلا بمعرفة علم المعاني من بقية أبوابه وعلم البيان وعلم البديع، وما قصرها عليه لأن الأمر كذلك؟ لا، وإنما حاول بذلك التنبيه على مزيد غموضه، وأن أحدًا لا يكمُل فيه إلا كمُل في سائر فنونها، فوجب الاعتناء بتحقيقه على أبلغ وجهٍ في البيان.
ويأتي إن شاء الله في ((شرح جوهر المكنون)) أو ((عقود الجمان)) بأوسع.