الرابع هذا خصه المتأخرون - قبيل الاصطلاح - خصه بالنسخ ولم يطلقوا النسخ على تخصيص العام ولا على تقييد المطلق ولا على تبين المجمل، وهذا لا إشكال يكون من باب الاصطلاح ولا نقول: المتأخرين قد أساءوا للمتقدمين. نقول: هذا معناه كذا وهذا معناه كذا ولا مشاحة في الاصطلاح لأن هذا الاسم ليس توقيفيًا المصطلحات هذه ليست توقيفية، فإذا خالف المتأخرون المتقدمين في اصطلاح وخاصة إذا لا ينبني عليه كبير أحكام أو فرق بأحكام نقول هذا ماذا؟ هذا من قبيل الاصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح ولا نأتي بكتب الأصول هنا نقول: هذه مما تجرأ المتأخرون على المتقدمين. لا بأس يبين هذا ليعلم الطالب أنه إذا بحث في التفسير ونقل عن ابن عباس وغيره أو كبار التابعين بأن هذا نسخ فيتأنى لا يحمله على النسخ عند المتأخر يتأنى يقف فينظر فيه يتأمل هل ثَمَّ مخصص وعام، هل ثم مطلق ومقيد، هل ثَمَّ مجمل ومبين إن لم يكن فحينئذٍ لا بأس أن يحمله على المعنى عند المتأخرين معنى النسخ عند المتأخرين، والمراد به أن يتريث ويتأنى.
وعند المتأخرين رفع الحكم الثابت بخطاب متقدمٍ بخطاب متراخي عنه، ربط الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخي عنه، أو إن شئت قلت أقصر من هذا: رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخي. هكذا عرفه في ((مختصر التحرير)) رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخي، رفع الحكم الثابت رفع هذا عنون له في أول الحد بالمصدر، فحينئذٍ نقول: هذا موافق لمعناه اللغوي الذي هو معنى الإزالة لأن الرفع هنا بمعنى الإزالة، الرفع إزالة الشيء بمعنى تغيره، غُيِّر الحكم رُفِعَ الحكم الشرعي بمعنى غُيِّر كان واجبًا ثم صار مباحًا كنسخ ماذا؟ {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] قيل: هذه للوجوب فنسخت. فحينئذٍ نقول: غير الحكم أزيل الحكم الأول كله فنقول: تغير الحكم. إذًا رفع الحكم أي: إزالة الحكم بمعنى تغييره من إيجاب إلى إباحة، أو من إباحة شرعية إلى إيجاب وندب ونحو ذلك، من تحريم إلى إباحة «كنت نهيتكم عن زيارة القبور». نهي الأصل أنه يحمل على ماذا؟ على التحريم «فزوروها». إما إيجاب وإما سنة فنقول: سنة. إذًا انتقل الحكم من ماذا؟ من التحريم إلى السنة، نقول: هذا هو المراد بالرفع إزالة الحكم وتغيره على وجه لولاه لبقي ثابتًا، يعني: لولا الحكم الثاني لبقي الأول ثابتًا كما هو يعني لولا قوله تعالى: {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا} [المجادلة: 13] ... الآية لبقي ماذا؟ وجوب الصدقة بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - لولا الناسخ لبقي الحكم ثابتًا كما هو، ليخرج ماذا؟ ليخرج زوال الحكم بخروج وقته، لو خرج الحكم بخروج وقته نقول: تغير وأزيل الحكم لكنه ماذا؟ بانتهاء وقته، إذا زال الحكم بخروج الوقت نقول: هذا ارتفع الحكم وزال الحكم وتغير، فحينئذٍ نقول: هذا نسخ أو لا؟
ليس بنسخ لماذا؟ لأن الحكم مقيد بالزمن ومثلنا له في القواعد بماذا؟
بصلاة الجمعة، إذا لم يصل حتى خرج الوقت فقام فصلى الجمعة بعد صلاة العصر نقول ماذا صلاة واجبة أم لا؟ الجمعة تقضى أو لا؟