(وحَيْثُ لا يُمْكِنُ) حمل المطلق على المقيد بأن كان ثَمَّ مقيدٌ في محلين بالمتنافيين ولم يكن المطلق أولى بالتقييد من أحدهما هذا فيما ذكرناه من مثال {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} هنا ورد المقيد في موضعين بمقيدين مختلفين متضادين ليس أحدهما أرجح من الآخر حينئذٍ نقول: لا يحمل المطلق على المقيد اتفاقًا إما إذا وجد مرجح في أن يكون ثَمَّ شبه بين المطلق وبين أحد المقيدين فحينئذٍ نحمل المطلق على أقربهما شبهًا على أقرب المقيدين شبهًا، وحيث لا يمكن حمل المطلق على المقيد (كالقَضاءِ) وذلك (كالقَضاءِ) القضاء هذا إعرابه خبر مبتدأ محذوف وذلك (كالقَضاءِ)
في شهر رمضان في قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. حكمه؟
(لا تَقْتَفِي)، حكمه حكم ماذا؟ حكمه (لا تَقْتَفِي) يعني: لا تتبع. ... (لا تَقْتَفِي) الاقتفاء والإتباع قَفْوا الأسد يعني: إتباع الأسد. (لا تَقْتَفِي) (حُكْمَهُ) هذا مفعول به منصوب مقدم لقوله: (لا تَقْتَفِي). يعني: لا تقتفي حكمه لا تتبع حكمه أي: حكم ذلك المقيد، بل يبقى المطلق على إطلاقه، أو لا تقتفي حكمه أي: حكم الحمل ذلك الحمل المذكور حينئذٍ يكون إشارة على قوله: (وَحَمْلُ مُطْلَقٍ على الضِدِّ). هذا حكم لا تقتفي حكمه أي: لا تتبع حكم الحمل المذكور ولا إشكال في التقديرين، والمثال قد ذكرناه فيما سبق.
إذًا هذا ما يتعلق بماذا؟ بالمطلق والمقيد.
النوع الحادي عشر والثاني عشر: النَّاسِخُ والمنسوخُ
النوع الحادي عشر والثاني عشر من هذا العقد الذي هو متعلق بالمعاني المتعلقة بالأحكام الناسخ والمنسوخ، ناسخ هذا اسم فاعل من النسخ، والمنسوخ هذا اسم مفعول من النسخ والمراد به الناسخ من القرآن والمنسوخ من القرآن، حينئذٍ لا بد من معرفة حقيقة النسخ.
فنقول النسخ لغة: الإزالة أو النقل. يعني: يطلق بهذا المعنى أو على المعنى الثاني، النسخ لغةً الإزالة تقول: نسخت الشمس الظل. بمعنى: أزالته. النقل نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه، والمراد به هنا الإزالة المراد به هنا يعني المناسب للمعنى الاصطلاحي الإزالة لأن النسخ هنا في الاصطلاح رفع الحكم بمعنى إزالة الحكم وليس ثَمَّ نقلٌ، وعند السلف - لأن الاصطلاح يختلف بين المتقدمين وبين المتأخرين - عند السلف يطلق النسخ بمعنى أو مرادًا به البيان، ولذلك عندهم يُطْلَقُ على التخصيص نسخٌ، فيقال هذا: نسخ. فيظن الظان أن الآية ناسخة وهي مخصصة لماذا؟
لأن مفهوم النسخ عندهم أوسع من مفهوم النسخ عند المتأخرين. إذًا معناه معنى النسخ عند السلف هو: البيان. فإذا كان البيان فيشمل حينئذٍ أو يدخل فيه تخصيص العام لأنه بيان، ويدخل فيه تقيد المطلق لأنه بيان، ويدخل فيه تبين المجمل لأنه بيان، ويدخل فيه رفع الحكم بالجملة لأنه بيان.