حينئذٍ نقول: العلم هو: الإدراك، والإدراك هو: وصول النفس إلى المعنى بتمامه. هذا من حيث اللغة، وإن اشتهر عند بعضهم أن المعرفة تكون مرادفةً للعلم ذكرنا أوجه الفرق بين المعرفة والعلم في ((شرح الورقات)) حينئذٍ نقول علوم جمع علم والعلم هذا من حيث الاشتقاق واللفظ مصدر بكسر العين وإسكان اللام، عَلِمَ يَعْلَمُ عِلْمًا باب فَعِلَ يَفْعَلُ وهو متعدي وهو بمعنى المعرفة والعلم والأصح أن يقال: أنه بمعنى الإدراك.

وأما في الاصطلاح في مثل هذا المقام هنا لأن العلم من حيث الاصطلاح يختلف باختلاف المتكلم في ذلك السند، وهنا نعرف العلم في الاصطلاح بأنه جملةٌ من المسائل المضبوطة بجهة واحدة جملة يعني: بعض كمٌ من المسائل جمع مسألة مَفْعَلَة من السؤال وهو ما يُبرهن عنه في العلم، المضبوطة بجهة واحدة يعني التي يجمعها ضابطٌ وأصلٌ وقدرٌ مشترك هي: جهةٍ واحدة. وهذه الجهة الواحدة هي باعتبار ماذا؟ باعتبار ما يبحثه ذلك العالم في ذلك الفن فمثلاً علم أصول الفقه نقول علم أصول الفقه ما المراد بكلمة علم في مثل هذا التركيب؟

نقول: جملةٌ من المسائل المضبوطة بجهةٍ واحدة. وهي معرفة أصول الفقه ما هو معرفة العام والخاص والمطلق والمقيد، هذه المسائل هي العلم في هذا التركيب، وهنا في علم علوم القرآن نقول المراد بالجملة هنا: أسباب النزول، والمكي، والمدني، والإنزال، نزول القرآن، وكيفية إنزاله، وقراءته، وأداؤه ... إلى آخره كل الأنواع التي تُذكر في علوم القرآن المقصود بلفظة علم هنا هي هذه الأنواع الخمسة والخمسين التي ذكرها المصنف وهي أكثر من ذلك.

حينئذٍ نفسر العلم هنا في الاصطلاح: جملة من المسائل المضبوطة بجهةٍ واحدة. والمراد بالجهة الواحدة هذه هنا يعني يشملها وحدة الموضوع كما يقال وحدة الموضوع، أسباب النزول، المكي والمدني، الحضري والسفري، الأداء، الإدغام، الإمالة ... إلى آخره نقول: هذه يشملها ماذا؟

وحدة واحدة وهي كونها من مباحث علوم القرآن تدرك في هذا الفن، هذا هو اللفظ الأول وهو المضاف، ثم ننتقل إلى المضاف إليه وهو القرآن، قرآن هذا مختلفٌ فيه هل هو مشتقٌ أو جامد وهل هو مهموز أو غير مهموز؟

هل هو مشتقٌ أو جامد؟ جامد بمعنى أنه مرتجل علمٌ مرتجل أول ما ابتدع وضع اسمًا لمسمًى هو كلام الرب جل وعلا أما أنه منقول فهو مصدر قَرَأَ يَقْرَأُ قِرَاءَةً وَقُرْآن، أم أنه ابتداء هذا محل اختلاف، هل هو مشتقٌ أم جامد كما قيل في لفظ الجلالة ((الله)) هل هو مشتق أم جامد بمعنى: هل هو دالٌ على صفة المتصف على ذاته هل هو دالٌ على ذاتٍ متصفة بصفةٍ أم أنه يدل على ذات فقط ولا يتضمن الدلالة على صفة كما هو الشأن في الرحمن، الرحمن هذا فعلان صفةٌ مشبهة اسم مشتق من الرحمة على جهة المبالغة ما مفهومه يدل على أي شيء ماذا تفهم من كلمة الرحمن؟ تفهم أنه يدل على ذات، هذه الذات متصفة بصفةٍ خاصة وهي: صفة الرحمة. العليم يدل على ذاتٍ متصفة بصفةٍ هي: العلم. الله جل جلاله هل هو دالٌ على ذاتٍ فقط كما يدل العلم في المخلوق، المخلوق الآن نقول زيد هل له معنى؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015