لأن النحو قد يكون وسيلة إلى الشرع وقد يكون وسيلة لغير الشرع، فما كان يحصل أن يكون وسيلة لفهم مقاصد الشرع أخذ حكمه لأنه يجب على جمهور المسلمين أن يفقهوا كلام الرب جل وعلا: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] إذًا نقول: هذا ذم ولا يترتب الذم إلا على ترك ما هو واجب. إذًا ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. إذًا علوم القرآن نرجع إلى ما خرجنا عنه علوم القرآن هذا يعتبر من علوم الوسائل يقرأ الطالب منظومة الزمزمي مثلاً ويأخذ شرحًا عليها ثم يأخذ التحبير ثم يأخذ الإتقان ثم يقرأ في تطبيق هذه العلوم والأنواع المذكورة في علوم القرآن يقرأها في مظانها في التفسير، فما من كتاب من كتب التفسير إلا وتجده - خاصة التفاسير الأثرية - تجده إلا وقد نص على أن هذه الآية مكية ومدنية صيفي شتائي سبب النزول لأنه يعين على الفهم إلى آخره فنقول حينئذٍ: علوم القرآن هذا من علوم الوسائل.

علوم القرآن هذا مركب تركيب إضافي، علوم القرآن مضاف ومضاف إليه، وإذا كان العلم مركبًا تركيبًا إضافيًّا فحينئذٍ لزامًا أن يكون له معنيان: معنًى إضافي، ومعنًى لقبي علمي. كما هو الشأن في أصول الفقه لماذا؟

لأنه لا يمكن أن يُتَوَصَّلَ - على قول الكثيرين - لا يمكن أن يتوصل إلى إدراك معنى المركب الإضافي الذي نُقِلَ عن معناه وتركيبه الإضافي إلى معنى اللقب العلمي إلا بعد فهم جزأين وطرفين، حينئذٍ إذا قيل للناس: علوم القرآن صار علمًا فإذا أطلق اللفظ علوم القرآن انصرف إلى المعنى المراد الذي ضمنه السيوطي مثلاً كتابه ((الإتقان)) نقول: هذا يصلح إذا كان ابتداءً أُطْلِقَ على جهة الإفراد وأما إذا كان في الأصل مركبًا تركيبًا إضافيًا فحينئذٍ لا بد في النظر في كل جزء من أجزائه كما يقال في أصول الفقه حينئذٍ نقول: علوم القرآن له معنيان:

معنى إضافي باعتباره مفردين يعني النظر إلى كلمة مضاف لأنه مركب من كلمتين علوم، وقرآن، علوم مضاف وقرآن مضاف إليه، علوم هذا له معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح، والقرآن له معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح أليس كذلك؟

حينئذ لا بد من النظر في كل كلمة من هذه الكلمات فنقول: علوم: جمع علم والعلم في اللغة يطلق بمعنى المعرفة والفهم - عند الكثيرين - ولكن الأصح أنه بمعنى الإدراك، والإدراك مصدر: أَدْرَكَ يُدْرِكُ إِدْرَاكًا. والمراد بالإدراك وصول النفس إلى المعنى بتمامه سواء كان متعلق بإدراك المفردات أو المركبات سواء كان على جهة اليقين أو على جهة الظن، فالإدراك مطلقًا الشامل للعلم بنوعيه التصور والتصديق الذي هو: إدراك المركبات. والتصور الذي هو: إدراك المفردات. سواءٌ كان على جهة اليقين أو على جهة الظن، العلم إدراك المعاني مطلقًا.

العلم إدراك المعاني مطلقا ... وحصره في طرفين حققا

سموهما التصديق والتصورَ ... .........................

قسمان لا ثالث لهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015