إذًا لذلك جعل أهل العلم في مبادئ الفنون ذكر هذه المسائل العشرة: الحد، والموضوع، والثمرة، التي هي الفائدة المرتبة على تحصيل هذا العلم وحكمه الشرعي إن كان يتعلق به حكم شرعي وهذا أصل في العلوم التي يدرسها طالب العلم الشرعي، ولذلك لا بد أن يحدد طالب العلم الشرعي ما هو العلم الذي يسعى في تحصيله؟ وما حقيقة هذا العلم؟ هل هو من علم المقاصد أو من علم الوسائل؟ لماذا؟ إذا عرف أن هذا من علم الوسائل حينئذ لا بد أن يتعامل معه لتعامله مع أي وسيلة أخرى حينئذ إذا قيل مثلاً: السكين للقطع. هل يلازم السكين كل يوم أربعة وعشرين ساعة وإلا أنه يأخذها إذا احتاجها؟
إذا احتاجها، ثم إذا لم يحتج حينئذ يبتعد يتركها حينئذ العلوم الآلة كالنحو، والصرف، والبيان، وأصول الحديث، وأصول التفسير، وكذلك المنطق إذا كان من علوم الآلات لا بد أن يعرف أن هذا علم وسيلة، لا بد فإذا علم أنه علم وسيلة بمعنى: أنه موصل إلى غيره وعليه ينبني أنه يأخذ ما يحتاجه في فهم الشرح لأن الأصل هو علم المقاصد علم الوحيين الكتاب والسنة، ثم يأخذ فائدة أخرى إن لم يعرف عن علم الوحيين الكتاب والسنة فلا يتخصص في علم الوسيلة أبدًا، لا يقول: أنا أدرس المصطلح فقط. أو: أنا أصولي فقط. أو: أنا نحوي. أو: بياني. إلى آخره نقول: لا، إلا في حالة واحدة إذا جرب التفسير مثلاً وما استطاع أن يسلك فيه حينئذ لا بأس أن يرجع إلى الخلف فيتخصص في علم من علوم الوسائل، وأما تخصص الابتدائي الذي يختاره الكثير من طلاب العلم الآن - في ظني وقد أكون مخطئًا - أنه من الخطأ ولا ينبغي لطالب العلم أن يتخصص ويجعل عمره يُفني عمره كله في علم ليس مقصودًا لذاته في الشرع ولذلك ما أُعطي النحو ولا أعطيت أصول التفسير ولا أي علم من علوم الوسائل ما أعطي حكم شرعي من الإيجاب أو الندب إلا لكونه صار وسيلة لغيره، فالإيجاب حينئذ في النحو إذا قيل: إنه واجب. هذا واجب لا شك ولذلك فرض عين على من تعاطى التفسير هذا بالإجماع حكى السيوطي وغيره الإجماع على ذلك أن علم النحو، وعلم الصرف، وعلم البيان أن علوم اللغة بأثرها هذه وسيلة لفهم التفسير فهم كلام الرب جل وعلا وعليه نقول: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وإلا ما جعل شرع لم يأت نص في القرآن قال: ادرسوا النحو. هل جاء أمر نقول: أمر يقتضي الوجوب؟
لا، لم يأت لماذا؟