إذًا أجيب بالمنع لأن الله تعالى وصف الكتاب بكونه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} في معرض المدح له فلا يوهم التبعية وإلا لما كان ذلك صالحًا للمدح ولو سلمنا جدلاً بأنه تابعٌ له فإن الإيهام زائلٌ ومرتفعٌ بما عُلِمَ بالضرورة من كون القرآن أصلاً والسنة فرعًا لا يختلف اثنان في هذا، فكون القرآن مبينًا لا إشكال فيه القرآن يخصص السنة والسنة تخصص القرآن وكلاهما وحيٌ: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4]. فلا إشكال، ولذلك مثل هذه المسائل الأصل فيها أنه ينظر في الوقوع وقع أو لا؟ إن وقع إنه أصلٌ ما نأتي ننظر في عقولنا يجوز أو لا يجوز؟ ثم نأتي ولو وقع في الوجود تخصيص السنة بالقرآن نأتي نؤول ونحرف، لا، التأصيل والتقعيد يكون تابعًا للوقوع في الكتاب والسنة، فإن وقع ننظر وقع أو لا إن وقع حينئذٍ نقول: جائز ولا إشكال فنقعد على الموجود، وأما أن ننظر إليها نظرة عقلية بحتة ثم ننظر بعد ذلك في الكتاب والسنة فإذا جاء نقول: خالف القاعدة إذًا ليس بمخصص هذا ليس بسليم.

(النوعُ الخامسُ: ما خُصَّ به مِن السنَّةِ

وعَزَّ) يعني: قل وندر (لَمْ يُوْجَدْ سِوَى أَرْبَعَةِ). (وعَزَّ) يعني قل تخصيص السنة بالكتاب، هذا عزيز وقليل لو وجد، إذا قال: (وعَزَّ) هذا مثل ما ذكرناه عن ابن تيمية رحمه الله في المترادف قال ماذا: قل وندر وجود المترادف في اللغة قليل في اللغة وأما في القرآن فإما نادرٌ أو معدوم، أما في اللغة قال: قليل. إذًا الحكم عليه بكونه نادر في القرآن أو قليل في اللغة هل يمنع وجود الترادف؟ لا يمنع وجود الترادف إذًا الترادف موجود لكنه قليل. هنا يقول: بجواز تخصيص السنة بالكتاب لكنه قليل ولذلك قال: (وعَزَّ) أي قل وندر، لم يوجد تخصيص السنة بالكتاب سوى أربعة أمثلة وزاد عليها السيوطي خامسة في ((الإتقان)) وهي قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9]. قال: هذه آية خصت، خُص بها عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار».

(سِوَى أَرْبَعَةِ) يعني من الآيات قد خُصّ بها أربعة أحاديث (وعَزَّ لَمْ يُوْجَدْ) قل (لَمْ يُوْجَدْ) تخصيص السنة بالكتاب (سِوَى) هذا استثناء غير (أَرْبَعَةِ) من الآيات أو أربعة آيات أربعة من الآية أحسن الإضافة لا تصح لأنه يجب تجريد أربعة من التاء أربع آيات، أما أربعة آيات لا، ولذلك نقدر من أربعة من الآيات ليصح التركيب، قد خُصَّ بها أربعة أحاديث إذًا عندنا أربعة أحاديث فيها لفظٌ عام ومخصصاتها في الكتاب، وذلك: (كآَيَةِ الأَصْوَافِ أَوْ كَالجِزْيَةِ

والصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا ... والعَامِلِيْنَ ضُمَّهَا إِلَيْهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015