وذلك: (كآَيَةِ الأَصْوَافِ) في سورة النحل قال تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]. هذه آية خَصَّتْ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أُبِينَ من حيٍ فهو ميت». وسيأتي (أَوْ كَالجِزْيَةِ) أو بمعنى الواو لأنه يريد أن يجمع الأربعة فلا معنى للواو هنا إلا أن تكون أداة لمعنى أو إلا أن تكون بمعنى الواو (أَوْ) بمعنى الواو (كَالجِزْيَةِ) يعني: كآية الجزية في سورة التوبة: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. هذه المراد آية الجزية أو آية (الصَّلَواتِ حَافِظُوا عَلَيْهَا) {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] هذه في سورة البقرة. وآية (العَامِلِيْنَ) ضمها إليها: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} إلى قوله: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] ... (والعَامِلِيْنَ) يعني: وآية العاملين (ضُمَّهَا) يعني ضم آية العاملين إليها إلى الثلاثة المتقدمة هذا من باب التكملة.

إذًا ذكر أربع آيات في القرآن هذه كلها مخصصات لأربعة أحاديث، ثم سيسرد لنا الأحاديث التي هي مشتملة على لفظ عام من السنة (حَدِيثُ مَا أُبِيْنَ في أُولاهَا خُصَّ) يعني أولى تلك الآيات الأربعة، وهي آية الأصواف خص أي عموم ذلك الحديث (مَا أُبِيْنَ). (مَا) صيغة عموم كل ما قطع من الميت فهو ميت. فحكمه النجاسة هذا عام أليس كذلك، فإذا جُزَّ الصوف منها أو الوبر أو الريش وهي ميتة فحكم الريش وحكم الوبر وحكم الصوف أنه نجس، أليس كذلك؟ [صحيح، نعم] «وما أبين من حي فهو ميت». وحكم الميتة ماذا النجاسة، قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} ... [النحل: 80]. هذا جاء في سياق الامتنان، والقاعدة أن الرب جل وعلا لا يمتن إلا بما هو طاهر وقوله: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا}. هذا يشمل كونها حية أو ميتة {وَأَوْبَارِهَا}. يشمل كونها حية أو ميتة، فامتن الرب جل وعلا بأصواف هذه الأنعام وهي حية وهي ميتة فدل على ماذا على أنها طاهرة، فنأتي بهذا النص من السنة: «ما أبين». فنخرج منه ماذا؟ الصوف والوبر والريش، فنحكم عليه بأنه طاهر فلو وجد عنك ميتةٌ نجسة لا شك الأصل على إعمال الحديث نقول: ريشها وشعرها أو وبرها نقول: هذا نجس لكن نخصه ونحكم عليه بكونه طاهرًا بدلالة الآية، فصارت الآية خاصة واللفظ هنا في الحديث عام (حَدِيثُ مَا أُبِيْنَ في أُولاهَا) «ما أبين من حيٍ فهو ميتٌ». هكذا رواه الحاكم عن أبي سعيد وصححه على شرط الشيخين، دل على أن ما انفصل من حيٍ فحكمه حكم الميت مطلقًا، صوفًا أو وبرًا أو غيرها وخصصت الآية بكونه طاهرًا (خُصَّ) أي عموم ذلك الحديث انتهى.

(وأَيْضًا خَصَّ ما تَلاهَا

لِقَولِهِ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلا ... مَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَا أَرَدْتُ قَابِلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015