أولاً: مشاهدة الوقوع ودائمًا نجعل الوقوع دليل الجواز، إذا وقع شيء تجده أمامك في الكتاب والسنة تقول: هذا جائز ولو كان فردًا واحدًا، فنقول: تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة جائزٌ بدليل مشاهدة الوقوع والوقوع دليل الجواز. مثال تخصيص الكتاب بالسنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يرث القاتل» مع قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11]. وقوله عليه الصلاة والسلام «لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم». هذان حديثان في الزمن الأول اعتُرض بكونهما ليس متواترين ولكن أجيب بكونهما متواترين في الزمن الأول في زمن الصحابة ولذلك لم يختلفوا في هذا الحكم فدل على أن الدليل معلومٌ عند الكل، فحينئذٍ صار متواترًا في زمن الصحابة والعبرة في تأصيل الأحكام هو زمن الصحابة العبرة في تأصيل الأحكام والأصول والقواعد هو زمن الصحابة إذًا هذان الحديثان خَصَّصَا قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. أين العام؟ أولادكم {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} عامٌ أضيف حينئذٍ يعم الكافر والمسلم القاتل وغير القاتل الذكر والأنثى جاء لفظ: «لا يرث القاتل». إذًا {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} نقيده ما لم يكن قاتلاً فأخرجنا القاتل فإن قتل الولد أباه لا يرث، لو كان الولد كافرًا والأب مسلمًا حينئذٍ نقول: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} يشمل الأصل الكافر والمسلم لكن جاء دليل مخصص وهو أن الكافر لا يرث المسلم ولا المسلم الكافر فحينئذٍ نخص العام، إذًا العام في القرآن والخاص جاء في السنة فجاز تخصيص العام الذي في القرآن بالسنة، والحديثان في مرتبة التواتر في زمن التخصيص وهو زمن الصحابة لأن بعضهم اعترض قال: هذا الحديث آحاد. نقول: لا، الحديثان في مرتبة التواتر في زمن التخصيص وهو زمن الصحابة، والعبرة به لا بهذا الزمن، ولو سُلِّمَ بأنها آحاد فحينئذٍ اتفقوا والعبرة بالصحابة اتفقوا على تخصيص قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}. بقوله: «لا يرث القاتل». «ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم». حكمنا بأنهما حديثان آحاديان فخَصَّصَ الصحابة القرآن بالسنة الآحادية، والمتواتر أقوى من الآحاد فإذا أعملوا الأضعف الذي هو الآحاد عندهم فمن باب أولى أن يخصصوه بالمتواتر. إذًا سواء قلنا بأنهما متواترين أم آحاد نقول: اتفاق أنه حصل التخصيص به. لأنه في مرتبة التواتر في زمن الصحابة فصح الدليل قالوا: لا، هذا الحديث آحاد. نقول: إذا خصصوا بالآحاد والعام في القرآن وهذه سنة فمن باب أولى وأحرى أن يخصصوه بالمتواتر هذا يدل على ماذا؟ على فقه. إذًا عرفنا هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015