(وَأَوَّلٌ شَاعَ لِمَنْ أَقَاسَا) كثر (والثَّانِ) العام الذي أُريد به الخصوص ... (والثَّانِ) بحذف الياء (نَحْوُ) قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}. الألف للإطلاق هنا {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} الناس قيل: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أُطلق عليه الناس لماذا؟ لجمعه ما في الناس من الخصال الحميدة، ولذلك سبق معنا أنه سُمِّيَ محمد لذلك.
(والثَّانِ) أي العام الذي أريد به الخصوص وعرفنا الفرق بين النوعين مثاله قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ}، والناس المراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - على قولهم حينئذٍ أطلق لفظ الناس وهو عامٌ لفظٌ مستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضعٍ واحدٍ من غير حصر هذا لفظٌ عام لكنه ابتداءً أُطلق على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(وَأَوَّلٌ حَقِيْقَةٌ) يعني فرق وأراد أن يفرق بين النوعين، مَثَّلَ للثاني ولم يُمَثِّلُ للأول لشهرته، والمشهور الأصل فيه أنه لا يذكر، والآصل الأصل فيه على أنه لا يذكر يعني: ما كان على أصل فالأصل أنه لا يذكر وما كان شائعًا ذائعًا فالأصل أنه معلوم وما كان معلوم لا يحتاج إلى التمثيل، لكن الثاني فيه نوع لبس وخفاء وقلة فاحتاج إلى أن يمثل له، أراد أن يفرق بين النوعين قال: ... (وَأَوَّلٌ) أي العام المخصوص (حَقِيْقَةٌ) وعرفنا هذا، لاستعماله فيما وضع له ثم أخرج منه البعض بمخصص، لماذا هو حقيقة؟
لأنه استعمل في ما وضع له في لغة العرب، وكونه أخرج بعض الأفراد بمخصص لا يُخرجه عن كونه حقيقة لأن تناول اللفظ للأفراد بعد التخصيص كتناوله له قبل التخصيص، فلا فرق حينئذٍ.
(والثَّانِيْ) الذي هو العام الذي أريد به الخصوص (مَجَازٌ) لماذا؟
لأنه استُعمل ابتداءً في بعض ما وُضع له، لا بد من قيد ابتداء، لأنه استُعمل ابتداءً في بعض ما وُضع له، وهذا المجاز يُسمى مجازًا مرسلاً من إطلاق الكل مرادًا به الجزء، وعلاقته الكلية والجزئية وهي من علاقات المجاز المرسل، ... {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ} [البقرة: 19]. كل الأصبع أم أطرافها؟ أطرافهَا، يقولون: هذا مجاز، أطلق الكل وأريد به الجزء أو البعض.
(الفَرْقُ لِمَنْ يُعَانِيْ). (الفَرْقُ) يعني المذكور بكون الأول حقيقة والثاني مجازًا ظاهرٌ (لِمَنْ يُعَانِيْ) لمن يعتني به، يعني بالفرق، لمن يعتني به يعلم أن الأول حقيقة والثانية مجاز.