يعني هل يجوز في العام المخصوص أن يرد مخصصات، نقول: هذا لا يستغرق كل الناس مثلاً. لفظ عام أكرم الطلاب، ويكون الطلاب عندي عشرة ثم أقول: إلا زيدًا وإلا بكرًا وإلا عمرًا وإلا خالدًا وإلا محمدًا وإلا فوزي وإلا عبد الله وإلا عبد الرحمن وإلا علي كم بقي في العام؟ واحد يجوز أو لا يجوز؟
فيه خلاف، والصواب أنه لا يجوز. في مثل هذا اللفظ لا يجوز لماذا لأن الطلاب هذا صيغة الجمع وأقل الجمع ثلاثة، ومضى معنى في القواعد قول البستي وهو قول يحفظ: أن الكامل في العموم هو الجمع، لماذا؟ لدلالته على العموم بصورته ومعناه. تنبه لهذا، قول البستي الذي سبق معنا في قواعد الأصول أن الكامل في العموم هو الجمع، لماذا؟ لدلالته على العموم بصورته وبمعناه فحينئذٍ لا يمكن أن يخصص من جهة المعنى على ما لا يدل عليه الصورة، وما عدا ذلك كالمفرد المضاف حينئذٍ يجوز أن يخصص إلى أن يبقى واحد، ومن جوز التخصيص إلى أن يبقى واحد اعتمد على العام الذي أريد به الخصوص ولذلك في ((المراقي)) قال:
جوازه لواحدٍ في الجمع ... أتت به أدلة في الشرع
جوازه لواحدٍ يعني جاء في باب التخصيص، جوازه، جواز التخصيص إلى أن يبقى واحد أتت به أدلة في الشرع مثلوا بماذا؟ مثلوا بقوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ} [آل عمران: 173]، {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ} ... [آل عمران: 39]، {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ} [النساء: 54] قالوا: النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثلوا بماذا؟ بالعام الذي أريد به الخصوص وأريد به واحد، وهذا كان عند المتقدمين لا تفريق بين النوعين، المتقدمون من الأصوليين ممن كتب لا يفرقون بين النوعين فهو نوعٌ واحد فحينئذٍ عومل معاملة العام المخصوص فنظر على دلالته على واحد فقيل يجوز أن يخصص إلى أن يبقى واحد، والصواب التفريق بين النوعين وأن النوع العام المخصوص حقيقة والنوع الثاني مجازٌ مرسل علاقته الكلية والجزئية لأنه من باب إطلاق الكل على الجزء.
قال رحمه الله:
النوع الثاني والثالث: العامُّ المخصوص، والعامُّ الذي أُرِيدَ به الخُصوصُ
وَأَوَّلٌ شَاعَ لِمَنْ أَقَاسَا ... والثَّانِ نَحْوُ يَحْسُدُونَ النَّاسَا
وَأَوَّلٌ حَقِيْقَةٌ والثَّانِيْ ... مَجَازٌ الفَرْقُ لِمَنْ يُعَانِيْ
قَرِيْنَةُ الثَّانِيْ تُرَى عَقْلِيَّةْ ... وَأَوَّلٌ قَطْعاً تُرَى لَفْظِيَّةْ
والثَّانِ جَازَ أَنْ يُرَادَ الوَاحِدُ ... فِيْهِ وَأَوَّلٌ لِهذَا فَاقِدُ
(وَأَوَّلٌ) بالتنوين، العام المخصوص، (شَاعَ) وكثر، كثير في الكتاب لأن البحث هنا في الكتاب، (وَأَوَّلٌ) أي العام المخصوص (شَاعَ) وكثر لمن (أَقَاسَا) الألف للإطلاق (أَقَاسَا) بمعنى: تتبع، من تتبع القرآن وجد أن العام المخصوص كثير وخاصةً في الأحكام، بل لا يكاد أن يوجد حكم عام لفظٌ عام يتضمن حكمًا شرعيًا إلا وقد خص حينئذٍ صار كثيرًا وشائعًا.