لأن سبب النزول قد أخرجته من مدلول اللفظ، ولذلك نقول: العلم بالسبب حينئذٍ يعين أن السبب أو صورة السبب داخلة في اللفظ العام ولا يجوز إخراجها. [واجزم] أقطع، [واجزم بإدخال ذوات السبب]، فإذا جاء اللفظ عامًا والسبب خاصًا لا يمكن استثناءه ولذلك ذهب الإمام مالك رحمه الله في القول المشهور عنه في أن صلاة التراويح السنة فيها أن يصليها في بيته منفردًا وإن كان يرى أن الجماعة سنة لا إشكال، الجماعة سنة، والصلاة في البيت سنة لا إشكال في هذا لا تعارض بين القولين، فمن يثبت أن السنة في صلاة التراويح أو القيام عمومًا أنه في البيت لا ينفي أو لا يلزم منه أن ينفي سنية الجماعة لأن هذا ثابت وهذا ثابت، ما دليل الإمام مالك مع أن الجمهور أو الكثير يرون أن السنة أن تقام في الجماعة وأن من صلى في بيته منفردًا قد ترك السنة ما الدليل؟

قالوا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فإن أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة». إذًا استثنى ماذا؟

المكتوبة، والاستثناء معيار العموم، فكل ما عدا المكتوبة فالأفضل فعله في البيت أليس كذلك؟ «أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة». ما استثنى إلا المكتوبة حينئذٍ كل ما عدا المكتوبة حينئذٍ فالأفضل أن نصليه في بيته، استثنى بعضهم بما ثبت من خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - في معتكفه وصلى بالناس إلى آخره جعلوا ذلك دليلاً مخصصًا فقالوا: نعم كونه صلاة الرجل إلا المكتوبة هذا عام لكنه مخصوص كما خص بالمكتوبة خص بقيام الليل في جهة رمضان على جهة الخصوص. هذا تحليل أصولي أو لا؟

هذا لفظ عام وجاء فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مخصص وثبت معنا وسبق أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتبر من المخصصات، هذا قول الأكثر لكن هذا عند التأمل لا يستقيم لماذا؟

لأن ثَمَّ رواية عند الإمام البخاري في كتاب ((الاعتصام)) في أن سبب الحديث «فإن أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة». قاله بعد أن التفت إلى الناس لما خرج إليهم المرة الثانية ثم التفت إليهم بعد أن صلى بهم فقال: ... «أيها الناس». بهذا النص في صحيح البخاري في كتابه ((الاعتصام)) ... «أيها الناس صلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». حينئذٍ شمل التراويح أو لا؟

شمل التراويح، هل يمكن إخراجها؟

لا يمكن إخراجها، فلذلك ذهب الإمام مالك - أنا لا أضرب المسألة لا من باب الترجيح إنما مثال - لذلك ذهب الإمام مالك رحمه الله إلى أنه يُصلي في بيته - والمسألة فيها خلاف - وجعل الشوكاني تبعًا للخطابي في معالم السنن أن الخلاف فيمن يحفظ القرآن ويقدر على الصلاة في بيته. لكن اللفظ عام حينئذٍ اتفقوا على أن من لم يحفظ فالأفضل أن يصلي جماعة مع المسلمين لأنه لو جلس في بيته لعجز أو كان يختم يحفظ القرآن لكنه يعجز عنده كسل فهذا الأفضل في حقه أن يصلي مع جماعة المسلمين لكن هذا من تبين الفاضل والمفضول، أما الحكم الشرعي فلا مدخل له في مثل هذه الأمور يعني: يقال الأفضل مطلقًا في صلاة التراويح في بيته منفردًا. هكذا قال الإمام مالك ولو حصل ما يعتري الفاضل بأن صيره مفضولاً حينئذٍ يختص الحكم بزيد فقط ولا يجعل حكمًا شرعيًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015