مثلاً بعض الناس قد السنة في الرواتب أن يصليها في بيته إلا الظهر فالأكثر كان - صلى الله عليه وسلم - يصليها في المسجد فصلاة مثلاً سنة الفجر نقول: الأفضل يصليها في بيته هذا أفضل هذا حكم عام مطلق لكن لو وجد الإنسان من نفسه خشوعًا لو صلى في المسجد وخضوع وابتهال إلى الله عز وجل نقول: وجد سبب أو مقتضى الصلاة وهو لب الصلاة فحينئذٍ في حق زيد صارت صلاة الراتبة راتبة الفجر في حقه فقط أفضل من كونه يصليها في البيت ولا نجعله حكمًا عامًا، وإنما ما صار في حق شخص معين صار الفاضل مفضولاً والمفضول فاضلاً، وإلا في حقه الأصل أنه الفاضل أن يصلي الراتبة في بيته والمفضول أن يصليها في المسجد، قد تنعكس المسألة في حق زيد أما إذا الحكم عام؟ فنقول: لا، ولذلك المسألة يعتبر فيها الخلاف عام مطلقًا كل من له أن يصلي صلاة التراويح فالحكم عام سواء قدر أو لا ثم إذا اعتراه كسل أو اعتراه نقص في الحفظ حينئذٍ يصير الفاضل في حقه على جهة العموم مفضولاً.

إذًا المسألة فيها خلاف وبعض الناس يقول: إذا ما صليت في الحرم ما صليت أبدًا. نقول: تركت السنة وحَرَّجْتَ على غيرك.

إذًا إذا عرف السبب قصر التخصيص إذا وجد اللفظ العام على ماذا؟ على ما عدا صورته، ما عدا صورة السبب التي نزلت الآية من أجلها حينئذٍ كله يجوز أن يخرج بدليل لكن الصورة نفسها لا يجوز إخراجها لأن دخولها قطعيٌ.

[واجزم بإدخال ذوات السببِ] وحكي الإجماع على ذلك.

الرابع: الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال فهو خير سبيل لفهم المراد من الآية ولذلك قوله جل وعلا: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158]. يعني: أن يسعى بينهما سمي السعي طوافًا حينئذٍ قوله: {فَلاَ جُنَاحَ}. هذه من صيغ الإباحة حينئذٍ تدل هذه الآية على أن السعي مباح لكن هل هذا صحيح؟ نقول: السعي هذا في العمرة والحج ركن من أركان الحج لا يجوز أو لا تمم عمرة شخص إلا بالسعي بين الصفا والمروة في العمرة والحج، قوله جل وعلا: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ}. ماذا نقول؟

السبب يُعِينُ على فهم المراد في الآية، ولذلك جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان الأنصار قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية وكان من أهل لها يَتَحَرَّجُ يَتَفَعَّلُ يَتَأَثَّمُ خروجًا من الحرج والإثم يَتَفَعَّلُ أن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} إلى قوله: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ}. إذًا حينئذٍ النظر في سبب النزول عرفنا أن قوله: {فَلاَ جُنَاحَ}. ليس مبينًا لحكم السعي في العمرة والحج، وإنما هو لرفع الحرج في النفوس فقط فمتعلق نَفْيَ الجناح ليس هو حكم السعي بين الصفا والمروة من أين عرفنا هذا؟

من سبب النزول، لأنهم كانوا يتحرجون لماذا؟

لأنهم كانوا يهلون لمناة الطاغية عند الصفا حينئذٍ ظنوا أنها من شعائر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكوا فنزل قوله: {فَلاَ جُنَاحَ}. حينئذٍ رفع الجناح هنا في مقابلة ماذا؟ التأثم والتحرج فليس بيانًا للحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015