بعد أن أنهى لك بعض الأمثلة التي نزلت في السفر قال: (وما ذَكَرْنَا) والضمير هنا محذوف وهو مفعول به.
وحذف ما يعلم جائز
وحذف فضلة أجز
(وما ذَكَرْنَا) لك سابقًا (هَا هُنَا) من السفر (اليَسِيْرُ) يعني: فهو العدد اليسير وقد استوفاه السيوطي رحمه الله في ((التحبير)) يعني: كل ما وقف عليه.
(والحَضَرِي وقُوعُهُ كَثِيْرُ) لماذا؟ لأن الأصل في الإنسان الإقامة والحضر أم السفر؟ الحضر فلزم من ذلك أن يكون الحضر أكثر من السفر (والحَضَرِيّ) لأن الحضر هو الأصل لأن الإقامة هي الأصل والسفر إنما يكون طارئًا (وقُوعُهُ كَثِيْرُ) وقوعه في القرآن كثير ولكونه الأصل حينئذٍ لا يحتاج إلى تمثيل لوضوحه.
ثم قال رحمه الله:
النوع الخامسُ والسادسُ: الليليُّ والنَّهاريُّ
الليلي والنهاري يعني: ما نزل بالليل وما نزل بالنهار. هذا نازل بالليل وهذا نازل بالنهار الليلي والنهاري أيهما الأفضل؟
النهار الأصل لأن الليل سكن صار النهار أصل والليل لأنه محل للمعاش، والليل محل للسكن واليقظة تكون في الليل أو في النهار؟
في النهار، والأصل أن الوحي ينزل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة حينئذٍ صار النهاري هو الأصل بالنسبة الليلي.
وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ ... وآيةُ القِبْلَةِ أَيْ {فَوَلِّ}
وقَولُهُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل} ... بَعْدُ {لِّأَزْوَاجِكَ} والخَتْمُ سَهُلْ
أَعْنِي الَّتِي فيها البَنَاتُ لا الَّتِيْ ... خُصَّتْ بِها أَزْواجُهُ فَأَثْبِتِ
وآَيةُ {الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ} ... أَيْ {خُلِّفُواْ} بِتَوبَةٍ يَقِينَا
فَهذِهِ بَعْضٌ لِلَيْلِيٍّ عَلى ... أَنَّ الكَثِيْرَ بالنَّهارِ نَزَلا
لأنه الأصل أنه كثير وهو الأصل.
(وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ) أي: نزلت. أتت بمعنى نزلت وفي بعض الأحاديث إلى قوله: {صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً}. يعني: ليست كلها نزلت بالليل وإنما أوائلها إلى قوله: {صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً}. ففي البخاري كما سبق من حديث عمر: «لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة هي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس». فقرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً} ... [الفتح: 1] الحديث فدل على ماذا؟ على أنها نزلت بالليل لأنه قال: «نزلت عليَّ الليلة» يعني: في الليل. فدل على أن سورة الفتح أي: أوائلها ليلي. (وسُورَةُ الفَتْحِ أَتَتْ في اللَّيْلِ وآيةُ القِبْلَةِ) ما هي آية القبلة فسرها قال: (أَيْ {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}) هذه نزلت ماذا؟ نزلت بالليل في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ آتاهم آت فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة. - هذا الشاهد - إن ... النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة. فدل على أن قوله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ}. نزل بماذا؟
بالليل وأول صلاة صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - هي؟