مفعول به ولا يصح جعله ظرف نعم تنبهوا {وَاتَّقُواْ يَوْماً} لأنك لو جعلته ظرفًا لقدرت في واتقوا في ذلك اليوم حينئذٍ سلم الناس في الدنيا من التكليف بالتقوى، صارت التقوى المأمور بها في ذلك اليوم الذي هو لا تكليف فيه في الأصل أما {وَاتَّقُواْ يَوْماً} أي: ذلك اليوم عينه نفسه ذاته اتقوه ... بماذا؟ بالعمل الصالح في الدنيا فيكون اليوم ذاته متقى، أما وقوع التقوى في ذلك اليوم هذا ليس بمراد هذا إفسادٌ للمعنى الذي دلت عليه الآية مثل: ... {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184، 185]. (وبِمِنَى {وَاتَّقُواْ} وبعدُ) لفظ اتقوا ({يَوْماً} و {تُرْجَعُونَ}) جاءت بعد يومًا (أَوْلِ) أمر من الإله اجعل بهذا الذي هو ترجعون الختما الألف هذه للإطلاق أي: ختم الآية.
هذه الآية نزلت عام حِجَّةِ الوداع يقال: حَجَّة، وحِجَّة. يقال: ذو القِعدة، وذو القَعدة، وذو الْحِجة وذو الْحَجة. الفتح فيه ذا القَعدة أولى من الكسر، والكسر في ذي الحِجة أولى من الفتح، عام حِجة الوداع فيما أخرجه البيهقي في ((الدلائل)) وذكره السيوطي هناك.
ويومَ فَتْحٍ {آمَنَ الرَّسُولُ} ... لآخرِ السُّورَةِ يا سَئُولُ
يعني: مما نزل وهو سفري (ويومَ فَتْحٍ) ونزلت يوم فتحٍ بالتنوين يعني: فتح مكة آية ({آمَنَ الرَّسُولُ} لآخرِ السُّورَةِ) اللام هنا بمعنى إلى (لآخرِ السُّورَةِ) يعني: لآخر سورة البقرة آيتان {آمَنَ الرَّسُولُ} والتي تليها {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} هذه نزلت في السفر، (لآخرِ السُّورَةِ) يعني: سورة البقرة (يا سَئُولُ) قال السيوطي رحمه الله تعالى: ولم أقف له على دليل. مع أنه يذكره في ((الإتقان)) وفي ((التحبير)) وفي ((النقاية)) لكنه يذكره تقليدًا لغيره وإلا لم يقف على دليل فذكره حينئذٍ يكون من باب التقليد.
إذًا ونزلت يوم فتح مكة آية {آمَنَ الرَّسُولُ} إلى آخر السورة سورة البقرة ولا دليل عليه (يا سَئُولُ) يعني: يا كثير السؤال (يا سَئُولُ) فعول صيغة مبالغة (يا سَئُولُ) عن أي شيء كثير السؤال عن ماذا؟ عن العلم الشرعي ومنه: معرفة السفري من غيره.
ويومَ بَدْرٍ سُورَةُ الأَنْفَالِ مَعْ ... {هَذَانِ خَصْمَانِ} ومَا بَعْدُ تَبَعْ
(ويومَ بَدْرٍ) يعني: نزلت يوم بدر. (سُورَةُ الأَنْفَالِ) كلها سورة الأنفال كلها هذا ظاهر كلام المصنف مع أن السيوطي رحمه الله في كتاب ((التحبير)) وفي ((الإتقان)) يعبر بأول الأنفال وهذا هو الظاهر.
(ويومَ بَدْرٍ سُورَةُ الأَنْفَالِ) كلها كما هو ظاهر النظم أو أولها، فقد روى الإمام أحمد رحمه الله عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدرٍ قُتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «اذهب فاطرحه». - ليس لك - فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قَتل أخي وأخذ سببي قال: فما جاوزت إلا يسيرًا حتى نزلت سورة الأنفال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذهب فخذ سيفك». فدل على أنها نزلت في ماذا؟
يوم بدر، لما كان يوم بدرٍ الدليل على أنه أولها لأن الذي تعلق بالأنفال والتقسيم هو أول سورة الأنفال لا كلها.