لأن كراع هذا طرف الشيء فالاسم هو عين المسمى، الغميم هو مسمى كرع الغميم، الغمِيم ككريم هذا موضع قطعة أرض ونحوها كما قال بعضهم: جبل أسود ينتهي إلى طرف حرة. حينئذٍ هو كرع غميم وهو الغميم نفسه فحينئذٍ صار من باب سعيد كرز، إذًا يجب الإضافة كرعُ غميم مضاف ومضاف إليه، وعند الكوفيين يجوز الإتباع كراعٌ الغميمُ يكون الثاني بدل كل من بعض أو عطف بيان سعيد كرز يجوز عند الكوفيين ولا يجوز عند البصريين فيكون الثاني تبعًا للأول هنا من باب ضرورة الوزن نمشي على مذهب الكوفيين (كُراعٍ الغَمِيْمِ) بالتنوين والأصل (كُراعِ الغَمِيْمِ) بالإضافة ولكن ينون الأول والثَّاني لا يكون منونًا لوجود أل حينئذٍ نجعل الثاني تابعًا للأول، وإلا أتبع الذي ردف يكون تابعًا له.
الحاصل: أن كراعٍ بالتنوين (الغَمِيْمِ) إذًا عرفنا كراع الغميم هذا وادي بينه وبين المدينة نحو مائة وسبعين ميلاً وكراعه طرفه إذ كراع كل شيء طرفه.
(يا مَنْ يَقْتَفِي) يعني: يا من يتبع. الاقتفاء هو الإتباع أي: يتبع طريقهم في معرفة السفر ونحو ذلك، إذًا عرفنا أن سورة الفتح هذه سفرية والمراد
به أولها، ثم موضع ذلك السفر الذي نزل فيه أوائل سورة الفتح هو كراع الغميم وهذا الموضع الذي عينه لنا ما رواه الحاكم في مستدركه ثم قال:
وبِمِنَى {وَاتَّقُواْ} وبعدُ {يَوْماً} ... و {تُرْجَعُونَ} أَوْلِ هذا الخَتْمَا
{وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281] هذه سفرية (وبِمِنَى) يعني: ونزلت بمنى بدون التنوين للوزن (وبِمِنَى {وَاتَّقُواْ}) يعني: آية اتقوا أو قوله تعالى: ... {وَاتَّقُواْ} (وبعدُ) أي: بعد قوله: {وَاتَّقُواْ} ({يَوْماً} و ... {تُرْجَعُونَ} أَوْلِ هذا الخَتْمَا) {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ} (و {تُرْجَعُونَ} أَوْلِ) هذا أمر من الإله يعني: أجعل تالي هذا الذي هو ترجعون (الخَتْمَا) يعني: ختم الآية وهذا كما سبق أنه من الاقتباس والمراد به الإشارة ولا نجعل مضمون البيت هنا هو الآية وإنما تلفظ ببعض ألفاظ الآية على أنها أدلة على الآية وليست هي الآية وإلا هذا فيه تكلف، إذًا (وبِمِنَى) أي: نزلت آية ... ({وَاتَّقُواْ} وبعدُ) أي: وبعد اتقوا بعد هذا مبني على الضم حد المضاف بنية معناه (وبعدُ {يوْماً}) لو قال: وبعدَ. لكان أحسن لماذا؟ لأنه حذف المضاف هنا ونوى لفظه أو معناه؟ كيف بمعناه هو يريد أن يحكي لنا ألفاظ الآية (وبعدُ) وبعد اتقوا أو وبعد ما هو بمعنى اتقوا؟ الظاهر والله أعلم أنه أراد اتقوا وبمنى اتقوا وبعد اتقوا يومًا، اتقوا يومًا يَومًا هذا بعد اتقوا حينئذٍ قوله: (وبعدُ). لو ضبط بالنصب لكان أحسن حينئذٍ يكون قد حذف المضاف إليه ونوى لفظه وإنما يكون البناء إذا حذف المضاف إليه ونُوي معناه لذلك لو نصب بالفتح لكان أنسب {وَاتَّقُواْ يَوْماً} يومًا ما إعراب هذا؟
مفعول به.
الظَّرفُ وقتٌ أو مكانٌ ضُِمِّنًا ... فيه باطِّرادِ كَهُنَا امْكُثْ أَزْمُنَا