تسعٌ وعشرون سورة، سيسردها، وهي: أي التسع والعشرون سورة التي حُكم عليها بأنها مَدَنِيّ (أَوَّلَتا القُرْآنِ مَعْ أَخِيْرَتَيْهِ وكذا الحَجُّ تَبَعْ). (أَوَّلَتا القُرْآنِ) ما هو القرآن هنا مراد القرآن كله وهو من الفاتحة إلى سورة الناس، أول ما يقرأ في القرآن أي السور الفاتحة، ثم البقرة ثم آل عمران. على ظاهر كلام المصنف أن الفاتحة والبقرة هما المرادتان هنا (أَوَّلَتا القُرْآنِ)، (أَوَّلَتا) وذكرنا في مضى أن هذه التسمية من باب التغليب فقط وإن الأول شيءٌ واحد، (أَوَّلَتا القُرْآنِ) لكن هل المراد الفاتحة والبقرة أم المراد البقرة وآل عمران؟
البقرة وآل عمران.
كيف نصرف كلام المصنف هنا وإن كان ظاهره أن الفاتحة والبقرة؟.
نقول: الأولية نسبية إضافية يعني باعتبار البقرة وما بعدها فحينئذٍ صارت الأولية نسبية إضافية فلك أن تقطع الشيء عن سابقه فتجعله أولاً فصار أولاً لأي شيء باعتبار الشيء كله أو باعتبار ما بعده باعتبار وما بعدها، فصارت الأولية هنا نسبية إضافية، يعني: البقرة بنسبة لآل عمران أول والبقرة وآل عمران بالنسبة للنساء لآخر القرآن أولتا القرآن حينئذٍ صح كلام المصنف رحمه الله تعالى.
(فَالْمَدَنِيْ أَوَّلَتا القُرْآنِ). وهما البقرة وآل عمران لا الفاتحة والبقرة لأن الفاتحة فيها خلاف قيل: مَكِّيَّة، وقيل: مَدَنِيَّة، وقيل: نزلت مرتين، وقيل: النصف الأول مَكِّيّ والنصف الثاني مَدَنِيّ، وهذا أضعف الأقوال، والجمهور على أنها مَكِّيَّة إذًا لا يمكن إدخال الفاتحة هنا لكونه يعد السورة الْمَدَنِيَّة والفاتحة المرجح فيها عند الجمهور أنها مَكِّيَّة (مَعْ أَخِيْرَتَيْهِ)، (أَخِيْرَتَيْهِ) الضمير يعود على ماذا؟ على القرآن، وما هما الأخيرتان هما الْمُعَوِّذَتَان بكسر الواو اسم الفاعل مُعَوِّذ، لأن قارئهما يَتَعَوَّذ ويتحصن بها والسبب في نزولهما كما هو معلوم قصة سحر النبي - صلى الله عليه وسلم -، الذي سحره لبيد بن عاصم اليهودي.
مُعَوِّذَتان: يقال: المعوِّذات والمعوذتان أليس كذلك؟ إذا قيل المعوذات فما المراد؟.
عند أهل العلم قال: المعوذات بالجمع، ويقال: المعوذتان إذا قيل: المعوذتان لا شك أنه تثنية فالمراد به سورة الفلق والناس وإذا قيل: المعوذات هذا جمع لا بد أن يكون أقله ثلاث، فحينئذٍ تكون سورة الإخلاص من المعوذات ذكر ذلك ابن حجر في الفتح في كلام طويل جدًا.
(مَعْ أَخِيْرَتَيْهِ) وهما المعوذتان بكسر الواو المشددة، إذًا المعوذتان مدنيتان.