فشرط الصحة متوافر، والحفاظ الثقات الضابطون المتقنون هل هم على درجة واحدة في الضبط والحفظ والإتقان؟ لا، فنجد واحد عنده الحفظ والضبط والإتقان 99%، والثاني عنده 95%، والثالث عنده 90%، هؤلاء كلهم معروفون بالحفظ والضبط والإتقان، لكنهم درجات، فهو يستوعب أحاديث الدرجة الأولى والقسم الأول، وينزل إلى الثاني، وقد ينزل إلى الثالثة، وكلهم في دائرة الحفظ والضبط والإتقان؛ لأنه يقول: "كالصنف المقدم قبلهم، على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فإن اسم الستر والصدق وتعاطي العلم يشملهم، كعطاء بن السائد، ويزيد بن أبي زياد، وليث بن أبي سليم، وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار، فهم وإن كانوا بما وصفنا من العلم والستر عند أهل العلم معروفين، فغيرهم من أقرانهم ممن عندهم ما ذكرنا من الإتقان والاستقامة في الرواية يفضلونهم في الحال والمرتبة -يفضلونهم يعني يفوقونهم- لأن هذا يعني الإتقان والاستقامة في الرواية عند أهل العلم درجة رفيعة، وخصلة سنية -يعني منزلة عالية وساطعة، هؤلاء نجوم الرواية، فإذا كان الإمام مالك نجم السنن، فمن في طبقته ومن يوازيه هؤلاء لهم هذه الخصال السنية.

هؤلاء الذين ذكرهم الإمام مسلم -رحمه الله-، عطاء بن السائب الثقفي الكوفي، صدوقٌ اختلط من الخامسة، مات سنة 36 مثل ما ذكرنا في أن الحافظ ابن حجر يحذف المئات، ورمز له ابن حجر في التقريب بـ"خ" يعني خرج له البخاري والأربعة، وهو مثال للطبقة الثانية عند مسلم، ولم يخرج له مسلم، وإنما أخرج له البخاري حديث واحد متابعة في ذكر الحوض، مقروناً بأبي بشر جعفر بن أبي وحشية، إنما خرج له البخاري مقرون بغيره، لا على سبيل الاستقلال، كعطاء السائبي، ويزيد بن أبي زياد الهاشمي موالهم، كبر فتغير فصار يتلقن، وحديثه مخرج في البخاري تعليقاً لا في الأصول، ومسلم مقرون بغيره، يعني لم يعتمد عليه البخاري ولا مسلم، إنما قرنه بغيره من الثقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015