أما ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- ففي رسائله يبدأ بالبسملة وفي خطبه يبدأ بالحمدلة، ولم يجمع بينهما، فكيف يجمع مسلم بينهما؟ البخاري -رحمه الله تعالى- بدأ بالبسملة، ما جمع بينهما، مسلم جمع بينهما، هل يعاب على مسلم أن جمع بين البسملة والحمدلة؟ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما جمع بينهما؟ وهل الكتب في حكم الخطب أو في حكم الرسائل؟ البخاري جعل كتابه في حكم الرسالة لطلاب العلم، فافتتحه بالبسملة فقط ما في حمدلة، فهل كتاب مسلم في حكم الرسائل أو في حكم الخطب؟ هو رسالة من المؤلف -رحمه الله تعالى- إلى طلاب العلم، فابتدأه بالبسملة، وافتتح هذه الرسالة بخطبة، بمقدمة، يعني ما بدأ بالمقصود مباشرة ليقول: بسم الله الرحمن الرحيم، حدثنا فلان، افتتح الكتاب بخطبة، والخطبة تفتح بالحمدلة، إذاً افتتحه بالبسملة لأنه رسالة منه إلى طلاب العلم كما فعل البخاري، وافتتحه بالحمدلة لأنه افتتحه بخطبة، فجمع بين الأمرين -رحمه الله- ولا يعاب على ذلك، ولو لم يكن في ذلك إلا الإقتداء بالقرآن الكريم.

"الحمد لله رب العالمين"

الحمد: عرفه الأكثر بأنه الثناء على المحمود بأفعاله الجميلة وصفاته الحسنة الجليلة، لكن هذا التعريف فيه نظر، لما عرف من الفرق بين الحمد والثناء، والتفريق يؤخذ من حديث: ((قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي)) فجعل الثناء غير الحمد، أولى ما يقال في تعريف الحمد ما ذكره العلامة ابن القيم في الوابل الصيب، قال: "هو الإخبار عن الله تعالى بصفات كماله مع محبته والرضا به، والثناء: هو تكرير المحامد".

"الحمد لله" وأل في الحمد للجنس، يعني جميع المحامد لله -جل وعلا-، والله علم على المعبود بحق، وهو أعرف المعارف على الإطلاق، ويذكر أن سيبويه -النحاة يقولون: أن أعرف المعارف الضمير- لكن سيبويه قال: أعرف المعارف: الله، ورؤيا في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قيل: بم؟ قال: لقولي الله أعرف المعارف، فعلى كل حال هذا قول لا يتردد فيه من يتعبد لله -جل وعلا-، فهو أعرف المعارف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015