ثنى بالحمد إقتداءً بالقرآن، لأنه افتتح بالحمد لله رب العالمين بعد البسملة، قد يقول قائل: كيف بدأ الإمام مسلم كتابه بالحمدلة مع أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يبتدئ كتابه إلى هرقل ولا إلى غيره بالحمدلة، بل اكتفى بالبسملة؟ وكذلك سليمان في كتابه إلى بلقيس كما نصّ على ذلك بالقرآن؟ وكذلك الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- اكتفى بالبسملة؟
مسلم -رحمة الله عليه- ذكر البسملة وذكر الحمدلة، والبداءة بهما إقتداءً بالقرآن، وأما الاعتماد على ما جاء في البسملة والحمدلة والصلاة والشهادة، وغيرها من الألفاظ فكل هذا لا يثبت، وليس معنى كونه لا يثبت أنه لا يذكر؛ لأن بعض الناس إذا بحث عن شيء على أمرٍ اعتاد الناس عليه وجد النص الذي يدل عليه صراحةً فيه ضعف نسفه نسفاً، من غير نظرٍ إلى أدلةٍ أخرى، فيقول: ما دام ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم)) ضعيف، و ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله رب العالمين)) فهو ضعيف، لماذا نبدأ؟ حديث ضعيف، الأحاديث الضعيفة لا يعمل بها، فلماذا نبدأ؟ ولذا قال بعضهم: مع الأسف أنه يؤلف في العقيدة يقول: كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة، لماذا؟ لأن الحديث ضعيف، في البسملة وفي الحمدلة، والضعيف لا يجوز العمل به، فكيف نعمل بحديث ضعيف؟ يعني ونظير هذا من لم يثبت عنده البقاء بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ما دام ما ثبت عنده الخبر فإنه لا يجلس، مع أنه ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- في مسلم وغيره، وإذا جلس لا يصلي؛ لأن الحديث ضعيف، فكيف يصلي ويعمل بحديث ضعيف؟ يا أخي: إن لم تعمل بهذا الحديث اعمل بحديث: صلاة الضحى، ويقول بعضهم: أتصلي صلاة العجايز؟ صلاة الإشراق؟ يعني إذا انتبه بعض الناس لشيء نسف الباقي ولو ثبت من وجهٍ آخر.
فالذي يبدأ بالبسملة والحمدلة لا عملاً بالأحاديث الضعيفة، وإنما عملاً بما ثبت في كتاب الله -جل وعلا- وفي سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، فالكتاب واضح فيه البداءة بالبسملة والحمدلة، فالجمع بينهما إقتداءً بالقرآن الكريم.