والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم – (من) بيانية، هذا يعني الذي ذكرناه وهو بيان درجات الأخبار، وعدم إلقائها على الأغبياء- دون ما خالفه - (هو اللازم) هذه خبر أن، و (أن الذي قلنا من هذا) صلة الموصول الذي هو اسم إن و (هو اللازم) هذه جملة وهو خبر أنَّ (دون ما خالفه) هو يستدل لكلامه وتشديده في هذه المسألة بقول الله -جل وعلا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [(6) سورة الحجرات]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} يعني بخبر، والفاسق من الفسق وهو في الأصل الخروج عن الطاعة إلى حيز المعصية، كما يقال للفأرة فويسقة، وكما يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، المقصود أن الفاسق هو الخارج عن حيز الطاعة إلى دائرة المعصية، هذا الفاسق إذا جاءنا بخبر علينا أن نتبين، وعلينا أن نتثبت، وألا نقبل والتثبت مطلوب، التثبت في الأخبار مطلوب، لا سيما في أخبار من تظهر عليه علامات الفسق، أو يظهر منها الهوى، لأمر من الأمور، فلا بد أن نتثبت؛ لأنه إذا كان يدعو إلى أمر يميل إليه بهواه فإن حكمه حكم المبتدع الذي يدعو إلى بدعته لا بد أن نتثبت، ولا بد أن نتبين، والفاسق الذي يعصي أمر الله -جل وعلا-، أو يرتكب مع حرم الله عليه هذا لا يؤمن في أن يكذب في خبره، ولذا أمرنا بالتثبت والتبين في خبره، خشية أن تصيبوا قوماً بجهالة، يعني بمجرد قبول هذا الخبر، والمسارعة إلى قبول الأخبار دون تثبت ولا تبين لا شك أنه جهل، ممن يقبل بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، وكم من شخص سارع في قبول الأخبار ونقلها إلى غيره فعض أصابع الندم، إمام مسجد في طريق يصلي معه أناس في هذا الوقت لا يتكررون مرة ثانية، فصلى معه المغرب جموع امتلأ المسجد، لأنه في طريق قريب من سوق، فأعلن بعد الصلاة أن الشيخ الفلاني توفي وسوف يصلون عليه في مكان، سمع خبر، كيف يصحح هذا الخبر؟ هذا سببه العجلة في قبول الأخبار، فلا بد من التثبت، ثم بين بعد ذلك بين لأناس ما يدرون أيش يقول؟ ما عندهم الخبر الأصلي لكي ينقض،