كثير من السلف؛ لأنهم في قوله: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2] قالوا: إنها عشر ذي الحجة، وإذا رجعنا إلى أقوال المفسرين المتأخرين نجد أنها وصلت إلى عشرين قولاً، قال ابن الجوزي: «وللمفسرين في (الشفع والوتر) عشرون قولاً» (?).
قال بعضهم: الشفع: الخلق، والوتر: الله.
وقيل: الشفع والوتر هي الصلوات، منها شفع ومنها وتر، والوتر في الصلوات هي المغرب والبقية هي شفع.
وقيل: الوتر: آدم، والشفع: حواء؛ لأن آدم كان وتراً، ولما خلقت حواء كانا شفعاً، وذُكر غير هذه الأقوال، وليس في أحد هذه الأقوال ما يدل على التخصيص.
مثال التخصيص: قول بعضهم عند قوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى} [الليل: 17]: نزلت في أبي بكر خاصة، فالعبارة دالة على التخصيص والقرينة واضحة جداً عند من قال بهذا.
ومن يقول: إنها نزلت في أبي بكر خاصة لا يعني أنه لا يُدخل غير أبي بكر في هذا الخطاب، بل يدخل عنده من باب القياس وليس من باب تعميم اللفظ، ومن يقول: إن أبا بكر رضي الله عنه مثال من أمثلة الأتقى، وهو أعلى مثال يذكر، فإنه يجعل اللفظ عامّاً.
وهذه الآية مثال على الاختلاف في (هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب)؟.
فمن يرى التعميم في اللفظ فإنه لا يحتاج إلى القياس، أما من يرى تخصيص اللفظ وأنها نزلت في أبي بكر خاصة فيدخل غيره معه على سبيل القياس وليس على سبيل تعميم اللفظ، وهذا من باب المسائل المهمة فيما يتعلق ببحث العموم والخصوص في تفسير السلف.