الذكر للأنثى) هذه الأقوال إذا تأملناها هي أمثلة فقط، لنوع من أنواع الهداية والتقدير الرباني.
مثال: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] {الْحَسَنَاتِ} قيل: الصلوات الخمس، وقيل: إنها قول العبد: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). وهذه الأقوال إنما هي ذكر وأمثلة للحسنات، ولو قال قائل: إن الحسنات هي بر الوالدين، وقال آخر: إن الحسنات هي إيتاء الصدقة، وقال آخر: إن الحسنات هي متابعة الحج، بعد الحج فهذا كله داخل في معنى الحسنات، فالحسنات لفظ عام، ويشمل أمثلة كثيرة.
ثم قال: (فهذا عدَّه أيضاً كثير من المؤلفين خلافاً وليس في الحقيقة بخلاف؛ لأن كل قول منها مثال للمراد، وليس بكل المراد؛ ـ أي: ليس كل قول فيها هو المراد كله ـ، ولم نعده نحن خلافاً بل عبرنا عنه بعبارة عامة تدخل تلك تحتها، وربما ذكرنا بعض تلك الأقوال على وجه التمثيل مع التنبيه على العموم المقصود).
فإن قال قائل: كيف نعرف أن المفسر أراد التمثيل ولم يرد التخصيص؟
الجواب: إن الأصل في تفسير العام بما يشعر الخصوص أنه يُحمل على التمثيل إلا أن تدل عبارة المفسر على التخصيص بأن يذكر لفظة «خاصة»، أو توجد قرينة غيرها تدل عليه.
ومن قرائن كون التفسير على سبيل المثال أن يرد عن المفسرين أكثر من مثال، وهذا يدلُّ على أنهم أرادوا التمثيل للفظ العام، وليس التخصيص، ومثال ذلك ما ورد في تفسير قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر: 3]، قيل: الشفع: العاشر من ذي الحجة، والوتر: يوم عرفة، فيوم تسعة يتحقق فيه أنه وتر، ويوم عشرة يتحقق فيه أنه شفع، وهذا عليه