النوع الثالث من أنواع الاختلاف قوله: (الثالث اختلاف المعنى، فهذا هو الذي عددناه خلافاً ورجَّحنا فيه بين أقوال الناس حسب ما ذكرناه في خطبة الكتاب).
هذا النوع تتعدد فيه المعاني وتختلف، لكن ليست على سبيل التمثيل، وهو يختلف عن النوع السابق كما ستظهر من خلال المثال.
مثاله: القُرء في قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فمن قال: القرء: (الحيض) يغاير من قال: القرء: (الطهر)؛ لأنه يلزم أن يكون المراد بالقرء؛ إما الحيض وإما الطهر، وهذا من باب التضاد، وهذا يلزم منه أن يكون في أكثر من معنى.
ومن أمثلة ما يرد فيه أكثر من معنى، وإن لم تكن متضادة، ما ورد في تفسير قوله تعالى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ *عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 1، 2]
قيل: {النَّبَإِ} هو القرآن، وقيل: هو البعث، وهذا الاختلاف يرجع إلى أكثر من معنى.
مثال آخر: قوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2].
قيل: {الْكِتَابَ} هو القرآن، وقيل: هو التوراة وهذا يرجع إلى أكثر من معنى.
هذه ثلاثة أنواع من أنواع الاختلاف عند ابن جزي، لا يخرج أي نوع من أنواع الاختلاف عنها.
واختلاف المعنى قد يكون متقارباً، ويسمى اختلاف تنوع، وقد يكون بين قول صحيح وقول غير صحيح يحتاج إلى الترجيح، وقد يكون كلا القولين صحيحاً على وجه لا يمكن حمل الآية على المعنيين فيلزم الترجيح بينهما كما في معنى القرء.