وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِفاحِشٍ ... إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ

وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ ... أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ

غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا ... تَضِلُّ المدارى في مُثَنًّى وَمُرسَلِ

فقوله: (غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ) إن امرؤ القيس يتحدث عن امرأة خرجت في التوِّ من الاغتسال، فالمشط عندما يُجرى على الشعر ويتجه في تمشطه إلى الأعلى ففيه صعوبة، وانظر إلى العبارات التي ذكرها بعض العلماء في نقد هذا، فيقول البغدادي (ت1093هـ): «وهذا البيت استشهد به صاحب تلخيص المعاني على أن في «مستشزرات» تنافراً لثقلها على اللسان، وعسر النطق بها» (?)، وقال في «صبح الأعشى»: «الصفة الثالثة من صفات اللفظ المفرد الفصيح: ألا يكون متنافر الحروف فإذا كانت حروفه متنافرة بحيث يثقل على اللسان ويعسر النطق به فليس بفصيح، ثم ذكر هذا البيت وقال بعده: فلفظ «مستشزرات» من المتنافر الذي يثقل على اللسان ويعسر النطق به» (?).

قال الوزير ضياء الدين بن الأثير (ت637هـ) في المثل السائر: «فلفظة مستشزرات مما يقبح استعمالها؛ لأنها تثقل على اللسان ويشق النطق بها ـ ثم قال ـ: ولقد رآني بعض الناس وأنا أعيب على امرئ القيس هذه اللفظة فأكبر ذلك لوقوفه مع شبهة التقليد في أن امرأ القيس أشعر الشعراء، فعجبت من ارتباطه بمثل هذه الشبهة الضعيفة وقلت له: لا يمنع إحسان امرئ القيس من استقباح ما له من القبح بل مثال ذلك كمثال غزال المسك فإنه يخرج منه المسك والبعر ولا يمنع طيب ما يخرج من مسكه من خبث ما يخرج من بعره، ولا تكون لذاذة ذلك الطيب حامية للخبيث من الاستكراه، قال: فأُسكت الرجل عند ذلك» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015