هذا ما قاله النقاد في بيت امرئ القيس، وهناك وجه آخر لو نظرنا إليه لاختلف الحكم، وهو أن هذه اللفظة مع استثقالها جاءت في مكانها البليغ التام من جهة دلالتها على المعنى وتصويرها للحال، فالمرأة إذا كان شعرها طويلاً وغسلته فإنه يتجعد ويدخل بعضه في بعض، فإذا أجرت عليه المشط كان إجراؤه صعباً، فهذه الحالة الصعبة تمثلها لفظة «مستشزرات»، فالتعبير بهذه اللفظة لمناسبة الحال من شعر المرأة، ومناسبة اللفظة للحال من تمام البلاغة، والله أعلم.
ثم تكلم المؤلف عن علوم البلاغة التي استنبطها وهي موجودة في القرآن وعدَّتها عنده اثنان وعشرون نوعاً، ويلاحظ على هذه الأنواع ما يأتي:
الأول: أن بعض الأنواع التي ذكرها ليس موجوداً في القرآن.
الثاني: أن بعض الأنواع التي ذكرها قد لا يكون له أثر في بيان المعاني وإنما أثره في حسن الكلام من جهة البلاغة؛ ولذا نقول: ليس كل نوع من أنواع علوم البلاغة يستفاد منه في بيان المعاني «التفسير»، وإنما يستفاد من علم البلاغة لبيان «إعجاز القرآن».
وإذا كانت المسألة البلاغية تؤثر على المعنى فإنها تكون من باب بيان المعاني «التفسير»، ومن أنواع علوم البلاغة في آن واحدٍ.
وقد تحدث المؤلف عن النوع الأول من أنواع علم البلاغة في القرآن وهو المجاز فقال: (الأول: المجاز وهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة بينهما) إلى أن قال: (واتفق أهل العلم واللسان وأهل الأصول على وقوع المجاز في القرآن لأن القرآن نزل بلسان العرب، وعادة فصحاء العرب استعمال المجاز، ولا وجه لمن منعه؛ لأن الواقع منه في القرآن أكثر من أن يحصى).
سبق أن المؤلف قال في قوله: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [البقرة: 7]